بدون أن تجمعها علاقة تنظيمية، ورغم بعض المحاولت للتلاقي والتعاون في بداية ، إل أنه سرعان ما باءت تلك المحاولت بالفشل وعاد جلّها لوضعيته السابقة، 2000 أي الشتغال باستقلال عن بعضها البعض. وســيحاول هذا الفصل دراســة حالتين للجهادية المحلية، أي ظاهرة الوداديات السكنية في مدينة فاس، ثم ظاهرة الهجرة والتكفير. أولً: راديكالية القرب أو ما كان يُعرف " الحسبة " في نهاية التسعينات، عرفت هوامش مدينة فاس أنشطة ، وهي مبادرات مدنية نشــأت في البداية " الوداديات الســكنية " في تلك الفترة بظاهرة باعتبارها جمعيات محلية وظّفها الســكان المحليون للقيام بحراســة الأحياء والحفاظ على الأمن في التجمعات السكنية وأيضًا لمكافحة الجريمة وتجارة المخدرات والدعارة وغيرها. وقد أخبرني بعض السلفيين الذين عايشوا تلك التجربة بأن الوداديات كانت في وضع قانوني سليم وكان مُرخّصًا لها من طرف السلطات، بل قد لقت هذه التجربة في البداية دعمًا من السلطات المحلية حيث كانت تعمل بتنسيق وتحت أعين الأجهزة . والحقيقة أن السلطات غضّت الطرف عن هذه المجموعات ما دام أعضاؤها ((( الأمنية يشــتغلون في نطاق القانون ويقومون باســتتباب الأمن في المناطق المهمشــة التي لم تتمكن الدولة من بسط سيطرتها عليها بالكامل. وقد ظهرت الوداديات أولً في تخوم الأحياء الهامشية في مدينة فاس خصوصًا بحي عوينة الحجاج والنواحي المجاورة له، وقد أُنشــئت من طرف الســاكنة المحلية وأغلبهم من المدرسين والموظفين البسطاء على شكل جمعيات للأحياء السكنية بهدف توفير بعض الخدمات داخل الحي مثل زراعة الأشــجار وتنظيف الشــوارع وحراســة البنايات. وحسب بعض السلفيين الذين عايشوا تلك التجربة، فإن دخول السلفيين لهذه الأحياء كان لحقًا لإنشاء الوداديات، وتم عبر إدماج بعض الملتحين ضمن الحراس في هذه الوداديات نظرًا للسمعة الطيبة ورباطة الجأش التي اكتسبها هؤلء لدى الساكنة ، وبالتالي لم تتمكن من الحصول على سند شعبي لأنشطتها وبقيت تشتغل كطائفة مغلقة " ضده " و بفضل عقليتها الإقصائية. . 2014 مارس/آذار 10 مقابلة خاصة أجراها المؤلف مع م.ر. مدينة فاس، (((
70
Made with FlippingBook Online newsletter