يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة شخصية لا إعلامية، ما يجعل الحديث عن تبوّؤ هذه المواقع مكانة مهمّة -لتكون بديلا عن الصحافة سواء المكتوبة أم المسموعة أم المرئية- أمرًا يصعب تحقّقه، وذلك على الرغم من قدرة هذه المواقع على إنتاج أعمال إعلامية متكاملة ازداد عددها بعد أن «دخلت الهواتف الذكية ميدان العمل الإعلامي تدريجيّا ابتداء من خدمات الرسائل العاجلة قبل عدة سنوات، وأخذت بالتطور حتى أصبح الهاتف الذكي مؤسسة كاملة ((( لصناعة الأخبار، استفادت منه وسائل الإعلام المختلفة». ولكن على الرغم من ذلك، فإن الاعتراف بأن وسائل التواصل الاجتماعي لديها شعبية لا يمكن الاستهانة بها، وباتت مقصدًا للباحثين عن المعلومات الآنية السريعة -على الرغم من عجزها عن تقديم التحليلات والآراء المعمّقة- أصبح أمرًا واقعًا، إلا أنها في الآن نفسه تحتاج إلى الكثير من الأطر التي يجب أن تحكم طبيعة علاقتها بالمواد الإعلامية -بعد أن أصبحت مصدرًا للمعلومة بالنسبة إلى العديد من الصحفيين- مما يستوجب تنظيمها، ومَأْسَسَتها حتى نتمكن من مساءلتها إن تطلب الأمر ذلك. كما أن اعتماد المدوّنين على ذات الأدوات التي يستخدمها الصحفي في ممارسة مهنته أو حرفته، واستغلال شبكة الإنترنت وسيلة للنشر والتداول، يثيران الرغبة في إعادة تعريف الممارسة الإعلامية والبعد بها عن الوصف الذي يضعها في خط موازٍ للصحافة التقليدية أو خانة صحافة الإنترنت. ثم إن تأكيد حضور المتلقي «المواطن» في القضايا العامة وإسهامه في نقل ما يشاهده من أحداث، قد يجعل التفكيرَ يتجه إلى تفكيك ما يشاركه من محتوى، خبرًا كان أم شكً آخر من أشكال التحرير الصحفي للوقوف عند مصداقية ما يتداوله، وتأثير ذلك على درجة مهنية الإعلامي الناقل للمادة الإعلامية مقارنة بدرجة مهنية الصحفي في الصحافة التقليدية، والتي تمكّنه من الاستقصاء، والتحليل، ورؤية ما وراء الخبر؛ الأمر الذي استعصى على من حجز لنفسه مكانًا بالتحول إلى صحفي إلكتروني ليمارس ما يسمّى بـ»صحافة المواطن».
المرجع السابق. (((
193
Made with FlippingBook Online newsletter