الأزمة كاشفة لكل أعطاب الصحافة في العالم العربي لقد كشفت الأزمة عن الثقافة السائدة في غرف الأخبار. ولعل محدودية انفتاح غرف الأخبار على الجمهور ونقص شفافيتها هو بلا شك من الأعطاب الأساسية التي كشفتها هذه الأزمة بما أن مؤسسات الصحافة والميديا في العالم العربي كثيرًا، إن لم تكن في كل الأحوال، تجاهلت الحوار مع الجمهور وتفسير عملها له والانفتاح عليه أثناء أزمة كورونا. كما أظهرت هذه الأزمة أيضًا بشكل عام أن صناعات الميديا الخاصة والعمومية في العالم العربي لا تزال عاجزة عن تطوير مصادر دخل بديلة عن التوزيع الورقي (في الصحافة المطبوعة) وعن الإعلام (بالنســبة للقطاعات الأخرى بما في ذلك الصحافة الرقمية). وكشــفت الأزمة كذلك القدرات التحريرية المحدودة لتطوير الأشكال الصحفية الجديدة على غرار الصحافة التفســيرية وخاصة صحافة التحري أو المضامين الرقمية ). فمؤسسات الميديا Digital Transformation في إطار ما يُسمّى التحول الرقمي ( العمومية تقع في معظمها تحت ســيطرة الحكومات والدول ومضامينها الإخبارية غير مبتكــرة. أما الميديا الخاصة (تليفزيون وإذاعة وصحافة مطبوعة ورقمية) فمواردها لا تســمح لها بعصرنة بنياتها التكنولوجية أو منصات التوزيع كما لا تتوفر لديها الموارد المالية والبشرية لتطوير منصات إلكترونية ذات كلفة عالية من جهة الموارد الصحفية التكنولوجية. وعلى هذا النحو، فإن جائحة كورونا كشــفت أيضًا عن الطابع النســقي لأزمة مؤسســات الميديا في العالم العربي التي هي بلا شــك أكثر حدة عما هي عليه في الســياقات الأوروبية والأميركية؛ لأنها لا تتعلق بتحولات البيئة الثقافية والتكنولوجية وضمور مصادر التمويل وتراجع إيرادات الإعلان بل لأنها تتعلق أيضًا بالبيئة السياسية والمؤسسية غير المواتية في أغلب الدول العربية. الرقمنة ليست حّ سحريّا أو مخرجًا لأزمة الصحافة المستقلة والخاصة في العالم العربي لقد تبينّا فيما سبق أن الصحافة الرقمية تسعى إلى تجاوز نموذج التمويل بواسطة على الأقل، وحماية لنفســها من 2009 الإعلان بســبب تراجع الإنفاق الإعلاني منذ ) Paywall تقلبات سوق الإعلان وذلك بتطوير ما يسمّى مقاربة «المضمون بمقابل» (
283
Made with FlippingBook Online newsletter