التي تتمثّل في تحويل أجزاء من المضامين المجانية إلى مضامين بمقابل والاستثمار في ) أو الاعتماد Premium Content ما يسمّى المضامين ذات القيمة العالية والمدفوعة ( على أشكال مبتكرة من دعم الجمهور كما هي الحال بالنسبة إلى مؤسسة «الغارديان». وجائحة 2009 ومن هذا المنظور، فإن الدرس الأساسي المستخلص من أزمتي كورونا أن هذه الحلول المبتكرة التي انتهجتها الصحافة الرقمية لا تتوفر شروطها في العالم العربي لأســباب عديدة، منها أو ً: أن استراتيجية المضمون بمقابل تقتضي أن تكون هناك بيئة رقمية تصبح فيها تكنولوجيات الدفع الإلكتروني متوافرة ومتاحة وثقافة الدفــع عن بعد راســخة وهذا ما لا يتوافر إلــى الآن في غالبية الدول العربية التي لم تترسّخ فيها بعد سلوكيات التجارة الإلكترونية، إضافة إلى أن خدمة المضمون الرقمي تقتضي وقتًا طويً حتى تصبح راسخة. وتتمثّــل الصعوبــة الثانية في محدودية قدرات المواطنين على شــراء المضامين الصحفيــة؛ مــا يعنى أن الصحافة بمقابل هي صحافة بالضرورة نخبوية مخصصة لمن له القدرة على الدفع والحال أن ثقافة المضمون المجاني أو الذي يتم الحصول عليه بواسطة تقنيات القرصنة منتشرة في العالم العربي. أما الصعوبة الثالثة، فتتعلق بقدرات المؤسســات الصحفية على إنتاج المضامين الجيــدة التي تســتحق أن تُحَوّل إلــى مضامين يدفع من أجلها النــاس مقاب ً. وهذه المضامين على غرار التحقيقات والاســتقصاء وصحافة البيانات والصحافة التفســيرية وصحافــة التحري والتي يطلق عليها صحافة الجودة تحتاج إلى موارد مالية وبشــرية مهمة وإلى ســياق سياسي مُواتٍ بســبب غياب الحريات وسيطرة الدولة على الميديا والصحافة. ويمكن أن نضيف إلى الصعوبات كلها غياب سياســة عمومية في مجال الميديا هدفهــا دعم الصحافة المســتقلة كمــا هي الحال في الســياقات الأوروبية على وجه الخصوص التي لا يمكن أن تســتمر فيها الصحافة المســتقلة وحتى الخاصة دون هذه المساعدات. وهنــاك صعوبة أخــرى لا تقل أهمية عن الصعوبات الســابقة وتتصل بتمثّلات المهنييــن فــي العالم العربي لأزمة الصحافة وبدائلهــا، والتي لا نرى فيها أثرًا لعوائق المهنــة الداخلية مثل محدودية الابتكار وضمور في التنظيم الذاتي ونقص الحوار مع الجمهــور والانفتاح عليه بــل يبدو أن المهنيين وجدوا في الإنترنت كبش فداء لأزمة
284
Made with FlippingBook Online newsletter