الصحافة المطبوعة على وجه الخصوص. كما لا نرى في خطابات المهنيين إدراكًا لأهمية إعادة ابتكار النماذج الاقتصادية التي تقوم عليها الصحافة والميديا والتفكير في بدائل للإعلان بل إن الخطاب السائد لــدى المهنيين يرى في الصحافة الإلكترونية مخرجًا لأزمة الصحافة الورقية، والحال أنها أيضًا معنية بشكل مباشر بأزمة الإعلان الذي تستقطبه المنصات الرقمية. «الصحافات» المستقلة والخاصة في العالم العربي الضحية الأساسية لأزمة كورونا يبــدو لنا بالنظــر إلى تأثيرات أزمة كورونا الأساســية والمتعلقة بتراجع الإنفاق الإعلاني وبالدروس المستخلصة من التجارب السابقة، أن الصحافة المستقلة وخاصة الورقية والرقمية على الســواء التي تعتمد على الإعلان وعلى المبيعات الورقية، هي الأكثر تأثرًا بالركود الاقتصادي، خاصة أن الصحافة الرقمية لا تعتمد على استراتيجية المضمــون بمقابل. أما الميديا العموميــة (أو بالأحرى الحكومية) التي تموّلها الدولة وتســيطر عليها الحكومة بشــكل مباشر أو غير مباشــر في أغلب الحالات فلن تتأثر بالأزمة بشكل مباشر. هكذا، ســتزيد الأزمة من ارتباط الميديا بالســلطة السياســية والخضوع إليها أو الاستســ م إلى المعلنين في كل الأحوال، فأزمة كورونا ســتجعل من شــروط ظهور صحافــة الجــودة وتطورها أكثر صعوبة.. فالصحافة ليســت ممارســة فردية بل هي صياغة وممارســة جماعية مُمَأْسَسَــة تحتاج إلى مؤسســات قوية توفر موارد عديدة للعمل الصحفي. فالصحافة الجيدة ذات تكلفة عالية، كما لا توجد مبادرات في الأفق لما يطلق عليه سياســة عمومية في مجال الميديا تقوم على مســاندة الميديا العمومية والخاصة على أداء أدوارها باعتبارها مؤسسة من مؤسسات الديمقراطية. فالاستقلالية ليست شعارًا يُرفَع أو إرادة يعبّر عنها الصحفيون بل آليات مؤسسية مركبة على غرار ) في فرنسا. Le Canard enchané نموذج «الغارديان» في بريطانيا و»لو كنار أنشيني» ( وفــي هــذا الإطار، يمكن أن نتحدث عن صحافــات وليس عن صحافة واحدة بالنظر إلى اختلاف السياقات السياسية والتكنولوجية والمهنية التي يعمل فيها الصحفيون في العالم العربي، والتي تســهم في تنويع تمثّلات المهنة والنماذج التحريرية وأنماط الالتزام بالمعايير الأخلاقية ومقاربات التعاطي مع الأحداث والمصادر بمختلف أنواعها والتعاطي مع المؤسســات السياســية. وفي كل الأحوال، فإن للسياق السياسي أهمية
285
Made with FlippingBook Online newsletter