بيئة الصحافة الإلكترونية العربية

والشائعات والأخبار الزائفة لا يجوز النظر في نتائجها عبر المسارعة لسن القوانين وإنما البحث عن أسبابها ومعالجة جذورها. ولا يمكن أيضًا إغفال تعزيز المجال العام الذي شكّلت فيه الصحافة الإلكترونية -خلال إحدى مراحل تطورها- منصاتٍ للنقاش العام تسمح بمشاركة تفاعلية لجميع أفراد المجتمع، وهو ما كان يُمثّل عنصرقوتها. وقد يصبحهذا المجال أكثر فاعلية فيظل بيئة سياسية تكونصديقة للحريات. أما الدراسة التي بحث فيها الأكاديمي المعز بن مسعود أخلاقيات الصحافة الإلكترونية العربية، فقد شخّصت أوً الإشكاليات التي تشترك فيها أغلب الصحف الإلكترونية، وهي بالأساس: - غيـاب تشريع محـدد يتعامل مـع الصحافة الإلكترونية بأبعادها المختلفة، المهنية والفنية والمالية، وعلاقاتها بمؤسساتالدولة. -عـدموضـوحعلاقة الأطرافالمكوّنة لقطاع الصحافة الإلكترونية بالنقابـاتالمهنية؛ على اعتبار أن النقابة هي الجهـة الأساسية المسؤولة عـن قضايـا مهنـة الصحافـة، وأن عـدم انتهـاء النقابـة إلى مفهـوم أو تصـور محـدد لعلاقـة المؤسسات الصحفيـة الإلكترونية أو الافتراضية والصحفيين الإلكترونيينبها، يبقى من المشاكل المطروحة بصفة جدية على أصحابالمهنة. وبناء على ما تقدّم، خلص الدكتور ابن مسعود إلى أن الإعلام الإلكتروني يجب أن يستمد قواعده الأساسية من الأخلاقياتالتي تمّ إنضاجهافيحقل الإعلام التقليديبمحامله المختلفة المكتوبة والمسموعة، والمرئية. كما أن حقل الصحافة الإلكترونية بمواصفاته التكنولوجية والتواصلية الجديدة بات يفرضالتفكيرفي منظومة أخلاقياتخاصة به تتفاعل مع التحولات المشار إليها، فضً عن الحاجة الملحّة لتطوير آليات التنظيم الذاتي والرصد، بشراكة مع جمهور مستخدمي الصحافة الإلكترونية، وكذلكشركات التكنولوجيا العملاقة، وذلك انسجامًا مع مقوّم التفاعلية الذي يطبعهذه الصناعة. ويرى ابن مسعود أنجزءًا من انحرافات المشاكل المطروحة على مستوى الأخلاقيات المهنية قد َُلّ لو أن كبرى شركات التكنولوجيا قبلت تقمّص دور الناشر في هذا العصر الرقمي، والاستفادة من العدد الهائل من الصحفيين الأكفاء والملمّين بالأخلاقياتالمهنية، الذينشردتهم ثورة المعلومات، لاسيما أن تلك الشركات بإمكانها تحمل التكلفة، بعد أن بلغت أسعارها التجارية أرقامًاخيالية.

293

Made with FlippingBook Online newsletter