لحظات لا تُنسى
يتأثر المشاهد وهو يرى ما يدور على الشاشة، إلا أن لحظة صنع تلك اللحظات تبقى أكثر تأثيراً. في الحرب الأخيرة على غزة، كانت الجزيرة بكل أقسامها مستنفرة. كل العاملين فيها على اختلاف تخصصاتهم عملوا ليل نهار وبتناغم وإخلاص لتغطية الحدث على مدى أحد عشر يوما، ولينقلوا الصورة بكل تفاصيلها وبدون مونتاج ولا رتوش للعالم كله. أشعر بالفخر والسعادة أنني أنتمي لأسرة شبكة الجزيرة الإعلامية التي تحتفل بميلادها الخامس والعشرين، وقد باتت أكثر نضجا وأكثر قوة وجرأة من أي وقت مضى.
بعد تلك الليلة الحاسمة بنحو أسبوعين، وتحديداً في الثاني من فبراير كنت أقدم نشرة منتصف اليوم مع أحد زملائي. كنا 2011 من عام نتابع معاً ما يجري في ساحة التحرير في القاهرة، وإذا بنا نرى مشهدا غريباً لن أنساه ما حييت. رأينا رجالاً على ظهور الجمال وصهوات الخيول يدخلون ميدان التحرير في مشهد ذكرني بما نتصوره عن أيام الجاهلية. هكذا وصفت المشهد على الهواء وأنا في حالة من الذهول. هذا المشهد بات اليوم يعرف بـ «موقعة الجمل» الشهيرة، وهي من اللحظات التي لن أنساها أبدا. ورغم كل ما دار عقب «الربيع العربي»، ورغم كل الأسئلة التي ما زالت تثار حوله حتى يومنا هذا، إلا أن تلك اللحظات الأولى بعفويتها وكل ما قد يترتب على ذلك من فوضى وأخطاء ستبقى شاهدة على حرص الجزيرة على أن تنقل نبض الشارع في مرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة. لم أشعر بهذا القدر من الفخر والاعتزاز في أي محطة عملت بها بقدر ما أحسست به أثناء تغطية الجزيرة أحداث حي الشيخ جراح الأخيرة في القدس والحرب التي تلتها. لقد زرت فلسطين أكثر من مرة ورأيت بأم العين القهر والظلم والعذاب الذي يعانيه الفلسطينيون يوميا.
107
106
Made with FlippingBook Online newsletter