النهوض من تحت الرماد
إن هدفنا نحن الصحافيين هو البحث دائماً عن الحقيقة، مهما كلفنا ذلك ومهما آلت إليه الأمور، وهذا هو السبب وراء التقدير الذي تحظى به الجزيرة لدى الملايين من مشاهديها في كل أرجاء المعمورة. ليس هذا فحسب، بل تقوم الجزيرة بدور مهم آخر في توعية الناس بما يجري من حولهم. ومع احتفال الجزيرة باليوبيل الفضي، أتمنى أن تستمر الشبكة لسنوات وسنوات قادمة في تأدية رسالتها التي رسمتها منذ نشأتها، وهي أن تبقى صوت المهمشين والمنسيين، وأن تستمر في جعل الإنسان محور اهتمامها.
في النهاية مردوداً طيباً للضحايا. أتذكر جيداً مقولة د. موكويغي: «الاغتصاب ليس مجرد جريمة اعتداء جسدي فحسب، بل هو عنف موجه ضد الضحية، وقبل ذلك اعتداء على معنويات الإنسانية» بذلك يتضح أن كلا منّا معني بشكل أو بآخر إزاء ما يجري في مناطق النزاعات المسلحة حول العالم. وأبسط ما يمكن القيام به هو إثارة هذه القضية ولو بالكلمة، ولفت الانتباه إلى تبعاتها. وبالنسبة لمن يقوى على فعل شيء على أرض الواقع، عليه ألا يبخل بذلك وأن يبادر بمد يد العون إلى هؤلاء الضحايا. لقد كانت المقابلة التي أجريناها مع دينيس موكويغي وناديا مراد مصدر إلهام لي، حيث دفعتني إلى إنشاء مؤسسة خاصة في غينيا، بلدي الأم، تهدف إلى مساعدة الإناث المحرومات والمهمشات.
حين سألنا ناديا عن رأيها في الحكومة العراقية الجديدة وجهودها في تخفيف معاناة الشعب العراقي، ردت قائلةً: «يجب أن يمنحونا نحن النساء المزيد من الحقوق.» إجابة بسيطة ولكنها ذات مغزىً كبير. نحن نعلم أنه من خلال تمكين النساء وإعطائهن حقوقهن يمكنهن الإسهام بصورة فعالة في المجتمع. وحين سألتُ ناديا عن السبب وراء تحولها إلى ناشطة مناضلة، كان لإجابتها صدىً هزّ مشاعري أنا شخصياً وترك أثراً عميقاً لدى جمهور الحضور في قاعة مدينة أوسلو في تلك الليلة، حيث قالت ببساطة: «لكي أكون صوتاً يمثل الآلاف من النساء الإيزيديات اللاتي تعرضن للاغتصاب والاعتداء الجنسي.» وهذا هو النهج الذي يمثل روح الجزيرة، التي باتت منذ ولادتها، صوت المهمشين. يسعى كل من دينيس وناديا من خلال نضالهما ليس فقط لتوجيه الأنظار إلى معاناة الأقليات حول العالم، ولكن ليضربا مثلاً يحتذى به من خلال جهودهما. لقد ساهم كل منهما في مد يد العون إلى أعداد لا تُحصى من الضحايا، سواء من خلال إيصال أصواتهم إلى العالم أو من خلال الجهد المبذول معهم مباشرة على الأرض. ونحن أيضاً نحاول الشيء نفسه في كل ما نقوم به من جهد في مجال الإعلام والأخبار، في كل مرة نتطرق إلى خبر أو قصة. إننا في الجزيرة نسعى دائماً إلى أن نكون صوت الإنسان وأن نبرز الزاوية الإنسانية في كل خبر أو حكاية، مع الحفاظ على الموضوعية والحياد، إضافةً إلى تحري الدقة قبل كل شيء. كل هذه المكونات مجتمعة تحقق لا شك
111
110
Made with FlippingBook Online newsletter