عيون زرقاوي
لم يعد طفلا بل شابا كبرت همومه قبل الوقت، يتذمر من حياته ومن أوضاع بلاده.وبسبب حاجز اللغة لا أستطيع أن أخاطبه مباشرة وأعرف منه كل ما أريد بالتفصيل الممل عن طموحاته وأحلامه تبقى بعض المسائل 2021، وخيبات أمله ومشاريعه.حتى في عام عصية والتكنولوجيا لا تجد حلولا لها. لا أدري ماذا تخبئ الأيام للشاب زرقاوي. هل سيكمل تعليمه الجامعي؟ ماذا ستكون قناعاته الأيديولوجية؟ هل سيكون ضحية إرث ثقيل ومؤلم لا ذنب له فيه؟ ماذا لو فكر يوما في الانتقام ودمر مستقبله؟ هل سيتصالح يوما مع ماضيه المفجع ويقبل على الحياة واثق الخطى؟ ولكن أي حياة فيهم؟ في أوج هذا المخاض الذهني أحاول إقناع نفسي أن رب العرش العظيم سيحميه وسيجمعني به يوما ونتحدث بلغة مشتركة. الحالة الإنسانية التي يعيشها بعضنا خلال تصوير التقارير لا مدة زمنية لها ولا حدود تفصلنا عنها. تؤثر فينا ونتأثر بها قبل البث وبعده بسنوات طويلة. سأقول ما حييت: عيون زرقاوي تستحق أن ترى كل ما هو جميل.
والمصور، أمتنع عن ذكرها احتراما للجميع ولزرقاوي قبل أي أحد. خلال سنوات تواصلي معه سعدت لخبرين وهما أنه لم يتوقف عن التعليم، ونجحت العملية الجراحية التي أجراها على عينه. كثيرا ما أشعر بالذنب وأقول لنفسي ربما استسلمت سريعا لقرار عمه، أعود وأجيب نفسي كيف كنت سأقنع شخصا لا يعرفني بما كنت أقترحه عليه. انقطعت أخباره عني وغرقت لسنوات في هموم ونكسات الربيع العربي لكنه بقي دائما في قلبي ولم أتوقف يوما عن التفكير بما حل به. أتحمل كامل المسؤولية عن ذلك الغياب القسري. وعندما تواصل معي زميل في الدوحة بشأن مشروع هذا الكتاب، ومساهمتي بقصة فيه، اعتبرت الأمر إشارة من السماء لأبحث عنه من جديد. عثرت عليه دون عناء، وتواصلت معه عن طريق زميلي وصديقي عاما 16 المنتج حميد الله بمكتبنا في كابل، زرقاوي أصبح شابا عمره الآن. خجول جدا وخائف من مستقبل البلاد بعد خروج القوات الأمريكية نهائيا. فمثل كل الأفغان المسألة ليست حبا في بقاء قوات لم يكن ينبغي أن تكون موجودة من الأساس، بل بسبب الخشية من الفوضى الأمنية المحتملة.
261
260
Made with FlippingBook Online newsletter