AJ 25th Book.

اللاجئ رقم واحد

والغابات تجنبا لنقاط المراقبة التي انتشرت على حدود البلدين. كان جوابهم مقنعا، لكنه لم يجب عن سؤالنا، أين سنلتقي بهم. مضت أيام طويلة ولم تصل طلائع اللاجئين التي رسمنا لها في مخيلتنا، قوافل من البشر تتجه إلى ألمانيا عبر المجر والنمسا. رن الهاتف.. -تحياتي إنه شرطي نمساوي، كنت قد عرفته في تغطياتي منذ أسابيع قليلة، بدا كيلوغراما 17 معجبا بالعمل التلفزيوني وبالكاميرا الكبيرة التي تزن وأصبحنا أصدقاء على الفيسبوك. قال إن عددا كبيرا من اللاجئين يقترب من الغابات والأحراش بالقرب من المكان الذي نقف فيه، هرعنا بسيارة الجيب إلى تلك التلة ونصبنا خيمتنا في مكان مطل يكشف القادمين. هاتفت قسم المراسلين وأخبرتهم بالمعلومات الواردة، نشرت بعض العواجل وكانت التعليمات بالاستعداد للبث المباشر، وإرسال أولى لقطات قوافل اللاجئين. مرت ساعات ولم نظفر بأي لقطة، وبدت مداخلاتي على الهواء مربكة، فقد أعلنت عن قرب وصول طليعة اللاجئين القادمين من اليونان سيرا على الأقدام إلى الحدود النمساوية.. لكن لم يظهر أحد بعد؟ يرن الهاتف مجددا.. قسم المراسلين معاك يا عيسى.. أين الصور؟ أنت تتحدث عن قرب وصول اللاجئين ولكن أين الصور؟ هل أنت متأكد من معلوماتك؟ -نعم يا زميلي، أنا متأكد..

اللاجئ رقم واحد مراسل الجزيرة في ألمانيا | عيسى طيبي

-صباح الخير.. هلا أبو يزن.. (رئيس قسم المراسلين).. -تحرك فورا إلى الحدود النمساوية المجرية. وردتنا معلومات بأن أولى طلائع اللاجئين المتجهة إلى ألمانيا تزحف إلى النمسا قادمة من المجر. -حاضر.. أستاذ ماجد، مسافة الطريق. جمعت فريقي وتحركنا من العاصمة «فيينا»، ساعات حتى وصلنا. كانت الحدود بين النمسا والمجر شاسعة. وبدا أن البحث عن اللاجئ رقم واحد كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش، سألنا دورية شرطة نمساوية عن توقعاتهم عن أي مكان قد يدخل منه اللاجئون إلى النمسا، وكانت معلوماتهم تقول إنهم سيسلكون الطرق الزراعية

يهتز هاتفي الجوال، أحاول قراءة رقم المتصل، بدا واضحا، قسم المراسلين كالعادة، يراودني إحساس أن خطبا ما أو خبرا عاجلا ينتظرني.. -صباح الخير يا عيسى.. أدرك المتصل أنني في صحو تجره مثالب النوم اللذيذ.. أسمع صوتي ومخارج حروفه بعد الاستيقاظ من النوم على وقع قسم المراسلين بشكل غريب.. فالنبرة خشنة ممزوجة ببحة أشبه بذبحة مكبرات الصوت المتآكلة.. لقد قال زميلي المصور مرة مازحا إن صوتك الإفريقي ينحدر من أصوات الانفجار الكبير الذي يدعون أنه تسبب في خلق الكون!

أغسطس 25 التاريخ: الثلاثاء 2015 الساعة: الرابعة صباحا المكان: العاصمة النمساوية فيينا

283

282

Made with FlippingBook Online newsletter