رحلة «سوبرمان» الجزيرة إلى الأوسكار
أفصحت (سميرتي) لنا فيما بعد أن حلم حياتها قد تحقق بالعمل مع الجزيرة. تولدت بين (سامي) و(سميرتي) علاقة من الثقة المتبادلة خلال التصوير، كما أنهما خلقا نوعاً من الارتباط الوثيق مع (بروس) وانعكس ذلك على الشاشة بوضوح كبير. انتقل (سامي) للعيش مع (بروس)، وخلال تلك الفترة قام بتصوير الافتتاحية المؤثرة التي يظهر فيها (بروس) وهو يتحدث لابنه الصغير (كينغ) المولود في التاسع من شهر أغسطس. يقول (بروس) لولده وهما جالسان على عتبات المنزل: «ستتذكر هذا التاريخ جيداً، فقد شهد تاريخ مولدك هذا حدثاً آخر مهماً» ويعني بذلك مقتل (مايكل براون) على يد الشرطة في حادثة إطلاق .2014 النار في ذات التاريخ عام (بروس)، الذي حضر أكثر من مئة جنازة لضحايا السلاح العشوائي، كان قد فقد أخاه أيضـاً لذات السبب. ومع كفاح (بروس) ضد تجاربه الأليمة من الماضي، شرع يروي لنا معاناته عبر الفيلم الوثائقي. وخلال عملية المونتاج، بذلنا أقصى جهد كي نصوغ أخطاء (بروس) وتجاربه الفاشلة التي عانى منها ونضعها في سياق متسق.
خاض الفيلم بعد أشهر قليلة منافسات مهرجان ترايبيكا السينمائي في نيويورك، حيث كانت المرة الأولى التي ألتقي فيها (بروس) شخصياً. للأسف جاءنا (بروس) ومعه خبر صادم جديد بمقتل أعز أصدقائه بالرصاص. كان (بروس) حزيناً للغاية، وكانت لحظات مؤثرة حين نال الفيلم شهادة تقدير من لجنة حكام المهرجان. استرعى الفيلم انتباه (شيلا نيفينز)، رئيسة قسم الأفلام الوثائقية في شبكة (إم تي في)، التي شرعت على الفور في شراء حقوق عرضه. بعدها عُرض الفيلم في مهرجانات كثيرة في الولايات المتحدة، ليواصل ليس حصد الجوائز والألقاب فحسب، وليكون كذلك مصدر إلهام لكل من شاهده. سادت أجواء اللهفة والترقب، ونحن نتابع من مقر شبكة الجزيرة الإعلامية في الدوحة، البث الحي لمراسم توزيع جوائز الأوسكار، في ظل منافسة من أعمال أنتجتها مؤسسات إعلامية أمريكية عملاقة وهي: نتفليكس، نيويورك تايمز للوثائقيات، قناة (ايه آند إي)، وناشيونال جيوغرافيك للأفلام الوثائقية ووحدة (فيلد أو فيجن) للأفلام الوثائقية في (إنترسبت). المهم بالنسبة لي هو أن هذا الفيلم، الذي يمثل نموذجاً للوثائقيات التي تنتجها الجزيرة ضمن برنامج (ويتنس)، نجح في إيصال صوت فئات مهمشة في العالم، وترك أثراً عميقاً في نفس كل من شاهده. وبهذا تبرهن الجزيرة عبر رسالتها في جعل الإنسان محور القصة، وبحرصها على عدم الانجراف وراء الخطاب السائد، تبرهن أنها قناة تقرّب الإنسان من أخيه الإنسان.
وفي كلمته خلال مراسم التتويج بالجائزة، قال (بروس): «أتوجه بالشكر إلى الجزيرة التي وضعت ثقتها فيّ وفي فريق العمل بكامله. أنا سعيد أن الفيلم قدّم شخصيتي على سجيتها والأهم أنه قدّم شخصية الرجل الأسود بكل أمانة وموضوعية. كلنا خطاؤون وليس فينا معصوم، ولكننا نحن الآباء، أبطال خارقون في مختلف ميادين الحياة.»
لهذا رسمنا كل جوانب شخصيته، وهذا أمر لم تسبق رؤيته من قبل في أي فيلم وثائقي عن حياة السود في أمريكا. نظم العرض الأول خلال مهرجان بيغ سكاي 2019 للفيلم في كولورادو في شهر فبراير للأفلام الوثائقية، حيث ترك الفيلم صدىً واسعاً. وفاز بجائزة لجنة التحكيم وتأهل للترشح لنيل جائزة أوسكار.
317
316
Made with FlippingBook Online newsletter