المهنية زاد الجزيرة
يغضب منها البعض إلى درجة التفكير في قصف مكاتبها أو إغلاقها، وقتل مراسليها أو اعتقالهم، لكنها تستمر في أداء رسالتها. وتكفي نظرة سريعة لقوائم الجوائز التي تحصدها قنوات الشبكة ومنصاتها ووحداتها المختلفة كل عام للتدليل على ذلك. ولعل هذه الريادة تفسر حرص الأكاديميين والباحثين على دراسة «ظاهرة الجزيرة» بمختلف أبعادها، وصدور مئات البحوث والدراسات الأكاديمية التي
ووسط تصفيق الحاضرين، كان مسؤولو المؤسسات الإعلامية الأخرى ينظرون إلي كلما ذُكر اسم الجزيرة، وكأنهم يبحثون عن ممثل هذه المؤسسة التي نافست قنوات عريقة وحققت السبق عليهم رغم حداثة عمرها نسبيا. في رحلة عودتي إلى الدوحة بعد انتهاء ذلك اللقاء، استعدت شريط تأملاتي خلال رحلة الذهاب، وأدركت أنه، بالرغم من الضجيج المثار حول الجزيرة، والانتقادات المتواصلة لتغطياتها -وربما بسبب كل ذلك- تبقى الجزيرة في المقدمة دائما عند تحكيم المعايير المهنية. وبعد ثلاثة أشهر، عدت إلى بيجين رفقة الزملاء شارون رووبول من إيست، وناصر شديد 101 قناة الجزيرة الإنجليزية ومنتجة برنامج من قناة الجزيرة الإخبارية، ومحمد الحداد ولام ثاي فو من موقع الجزيرة الإنكليزي، لحضور حفل التكريم. هكذا كان حال الجزيرة منذ انطلاقها قبل ربع قرن من الزمان.
مقاطع قصيرة من الأعمال المتنافسة في كل فئة، لاتخاذ القرار النهائي واختيار الأعمال الفائزة، فقد سبق وأن اطلعنا عليها كاملة عبر روابط أرسلت لكل عضو قبل شهر. استغرقت العملية ربع ساعة لكل فئة من فئات الجائزة، وتم التصويت بشكل سري وبواسطة أجهزة إلكترونية، وها هو العد التنازلي يبدأ على شاشة عرض ضخمة تتوسط القاعة، قبيل الإعلان عن العمل الفائز في فئة أفضل فريق إنتاج إعلامي يتناول قضايا البلدان النامية، وكان الفائز بما يقارب إجماع المصوتين فريق إنتاج ) لقناة الجزيرة الإنجليزية. East 101( سلسلة غمرتني أحاسيس الغبطة والفخر لفوز عمل من شبكة الجزيرة بتلك الجائزة المرموقة، لاسيما وأن من يختار الفائزين فيها نخبة من الخبراء ومديري المؤسسات الإعلامية الدولية الرائدة التي يفترض أنها منافسة لشبكتنا، ومن المنطقي أن يسعى كل مسؤول إلى إبراز سبق قناته وريادتها، لأن من المهم أن تحصد الأعمال التي تنتجها أي مؤسسة هذا المستوى من التقدير والإشادة من مؤسسات دولية. لكن الأعمال المتميزة تفرض نفسها في مثل هذه المنابر المهنية. في ذلك اليوم، كانت الجزيرة هي المؤسسة الوحيدة التي ذكر اسمها أكثر من مرة ضمن الفائزين؛ حيث لمع شعارها أربع مرات )East 101( على الشاشة الرئيسية بالقاعة، فقد فاز فريق برنامج لقناة الجزيرة الإنجليزية بالجائزة الكبرى لأفضل فريق إخباري في الدول النامية. وحصدت ثلاثة أعمال أخرى للجزيرة جوائز شرفية.
تأخر هبوط الطائرة بسبب الظروف الجوية التي ساءت فجأة، وبعد محاولات متكررة أفلح الربان أخيراً في الهبوط على المدرج، إجراءات الخروج أيضا أخذت وقتاً أطول من المعتاد، وكلها عوامل تسببت في وصولي إلى فندق مينزو في منطقة شيتشنغ قبل نحو ساعة فقط من موعد اجتماع لجنة التحكيم، ورغم التعب والإنهاك وضعت حقائبي وخرجت مسرعاً إلى قاعة دونغهوا بالطابق الحادي عشر، حيث ينعقد اجتماع المحكمين. كانت القاعة مصممة بشكل مبهر، فقد أبدع الصينيون كعادتهم في التركيز على كل التفاصيل اللازمة لإخراج هذا الحدث الذي تشهده وسائل الإعلام العالمية الكبرى بالشكل اللائق. وأمام كل عضو في هيئة المُحكّمين وضعت طاولة مجهزة، عليها شاشة عرض وجهاز تصويت إلكتروني مرتبط بقاعدة بيانات موحدة. المساعدون من سكرتارية القمة العالمية للإعلام منتشرون في كل زاوية، وعلى أهبة الاستعداد لتقديم العون والشرح عند الطلب. قائمة المشاركين في التحكيم ضمت مسؤولين وممثلين لمؤسسات إعلامية عالمية: وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)؛ ووكالة الصحافة البولندية؛ والأسوشيتد برس؛ ووكالة الأنباء الفرنسية؛ وايتار تاس الروسية؛ وكيودو نيوز اليابانية؛ وغيرها. بدأ اللقاء بكلمة موجزة من مدير وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، والرئيس التنفيذي للقمة العالمية للإعلام مرحبا بالحضور ومستعرضا قواعد ومعايير التحكيم المعتمدة للجائزة. وعرضت علينا بعدها
تتناول الجزيرة، وتنشر بمختلف اللغات. إنها المهنية تفرض تقديرها على الجميع.
337
336
Made with FlippingBook Online newsletter