AJ 25th Book.

آلام في المعتقل المتوحش: غوانتنامو!

وعندما أتقيأ ألتقط أنفاسي وأفتح عينيّ دون أن أستطيع، من وطأة الألم والتعذيب، تحريك أيّ عضو من أعضائي، لأن الأحزمة القاسية كانت لا تربطني فقط وإنما تلصقني على كرسي الإعدام على نحو كامل الإحكام. أمّا غرز الإبر بحجة أخذ الدم للتأكد من حالتي الصحية فحدّث ولا حرج! إذْ لم يبقَ لي عِرْقٌ إلا وقد وُخِزَ وغُرزت فيه الإبر بغرض التعذيب والإيذاء، وأيضًا بغرض تدريب المستجدين من الطواقم (الطبية) على جسمي الذي أقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه جسم قد هدّه الجوع وأصابه الوهن. ومن وحي تلك المعاناة القاسية والآلام المبرحة، التي تعرضتُ لها، انقدحت في ذهن صاحب القرار في الجزيرة فكرة إنشاء جسم يعنى بقضايا حقوق الإنسان. ولأن ما قادني إلى دهاليز غوانتانامو هو دوري في تغطية القناة للحرب في أفغانستان. كان القرار بأن يهتم ذلك الجسم أيضا –الذي بدأ قسما ثم إدارة ثم مركزا- بقضايا الحريات العامة، لينافح عن الكلمة الحرة ويكون سندا للصحفيين في الجزيرة وفي كل مكان.

وحين أُفرغ الأنبوب في معدتي الخالية شعرت بالضبط وكأن جمرة من نار قد نزلت في جوفي. بغتةً وعلى حين غِرّة راحوا بتعمّد وقصد يدفعون الأنبوب داخل رئتيّ ويفرغونه فيهما، ثم أعقبوا ذلك بقطرات من الماء ملأت رئتيّ فشرقت وأخذني سعال شديد ثم اختناق شبه تام. لحظتها أحسست بأنني قد دخلت بالفعل في سكرات الموت، واضطربت أنفاسي، بينما راح العَرَق يتصبب غزيرًا من كل خلية في جسدي وأعقب ذلك تقيؤ مريع. مكثت في المستشفى عدّة أيام أكابد التشوش والقسوة والألم. كانت الساعات تمر بطيئة، لم أكن أميز الليل من النهار ولا أعرف كيف سيكون آخر المطاف. كان جسمي ينهار على نحو مزعج، لكن ربي منحني صبرًا وقوةً ما عهدتهما من قبل في نفسي. كنت أقاومهم ما استطعت وأنا في القيد والأصفاد، لكنهم كانوا يتغلبون عليّ آخر الأمر لتنفيذ تغذيتهم القسرية فيُدخلون أنبوبهم المؤلم ليقرّح أنفي وحلقي. لا أدري كم من الوقت لبثتُ في تلك الحالة المأساوية في المستشفى، لكنني أتذكر أنهم جاءوا وأعادوني إلى العنبر ذات نهار. ومع إصراري على استمرار الإضراب في تلك الأوضاع المأساوية واصلوا تغذيتي القسرية على كرسي الإعدام الذي صُمّم ليبث الرعب أوً في حزامًا حتى يتسنّى (للطبيب) أن 12 نفسي، ثم لأُقيّد عليه، بأكثر من يتفنن في إدخال وإخراج أنبوبه الملعون بلا شفقة ولا رحمة داخل أنفي وحلقي ورئتي ثم معدتي. كان ذلك الأنبوب يؤذيني أشد الأذى، كان يجرح ويُقرّح أنفي وحلقي ويملأ رئتي فأشرق به حتى يخنقني ويمنع عني النّفَس.

341

340

Made with FlippingBook Online newsletter