سيســتان وبلوشســتان وشــيراز وكرج وطهران، خرج أنصار النّظام بكثافة في تظاهــرات عارمــة في طهران ومدن إيرانية عدّة. وأظهرت الحكومة أنّها ما تزال قادرة على تحشيد الشّارع ضد ما ترى أنّه فوضى وعنف مقصود لذاته. الواقــع أن التّحــركات االحتجاجية األخيرة في إيــران تفتقد إلى رأس أو قيادة واضحــة، وال يمكــن الحديث عن حالة ثورية عارمــة على غرار ما حدث في الثّورة اإلســ مية. ورغم وضوح أســبابها ظاهريّا، إال أن أهدافها غير محدّدة، كما يصعب تصنيفها ما إذا كانت سلمية أو عنيفة. ولكنّها في المجمل ال تقدّم منظومة اجتماعية وسياسية مختلفة، بل هي حالة احتجاجية اعتراضية تعبِّر بصورة جليّة عن عدم الرّضى تجاه النظام. فهذه االحتجاجات تفتقد إلى الهيكلية والتّعبئة المنظّمة، وال تمثّل تهديدًا جدّيا بإمكانه إسقاط النّظام، أو يهدف في األساس إلى اســقاط النّظام، خاصة مع انخراط العمّال والمعلّمين في هذه الحركة ورفعهم لمطالــب ذات صبغة اجتماعية معيشــية. ويمثّل االحتجــاج في إيران، تاريخيّا، مؤشّرًا واقعيًّا على أزمة تحتاج إلى تغيير في السلوك السّياسي للدّولة. ومع ذلك يمكن أن نسوق الخالصات التّالية بشأن هذه الحالة االحتجاجية: - الجمهورية اإلســ مية ال تزال قادرة على الحشــد الشّــعبي، وال يزال النّظام محافظا على قاعدته االجتماعية ولديه القدرة على إدارة االحتجاج. - ليــس لــدى خصوم النّظام في الوقت الراهن قائــد واحد أو هدف واحد أو مطلب موحد. - ال يمكــن إنــكار التأثير الكبير لشــبكات التّواصل االجتماعــي على الحالة االحتجاجيــة، لكــن الثّورة في شــبكات التّواصل ال تعنــي بالضّرورة ثورة في افتراضيا عدّة مرّات في السّابق. " إسقاط النّظام " الواقع، وقد جرى - ال يمكن إنكار التّوظيف السّياســي الغربي لوســائل التّواصل االجتماعي في المواجهة مع النّظام اإليراني. سقوط النّظام أو إسقاطه وما أعقبه من اقتحام السّــفارة األميركية في 1979 منــذ انتصار الثورة في العام طهران والقطيعة السّياســية التي حدثت بين طهران وواشــنطن، لم يغب خيار
99
Made with FlippingBook Online newsletter