التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

أفغانستان: استمارر األزمة وتشعّباتها السياسية واالجتماعية واألمنية

فاطمة الصمادي

مقدمة كان خــروج القوات األميركية من أفغانســتان لحظة انتصار كبيرة بالنّســبة إلى وعادوا إلى " هزموا الواليــات المتحدة األميركية " حركــة طالبان وأنصارها، فقد حكــم البــ د بعد عقود من اإلطاحة بهم. كانت اآلمال كبيرة بأن تنجح الحركة في إرســاء االستقرار واســتيعاب ما تتطلّبه الحالة األفغانية، سواء على الصّعيد الدّاخلي أو الخارجي. لكن، في الوقت ذاته، كانت المخاوف كبيرة من استئثار الحركة بالسّــلطة وأن تفرض نمطا اجتماعيا مغلقا، وأن تفشــل في تقديم نفسها خارجيا لتحظى باالعتراف. ســارعت الحركة فور اســتعادتها السلطة إلى انتهاج سياســات تتعلّق باإلعالم والمرأة ومســائل أخــرى ذات طبيعــة اجتماعية وُصفت بأنها أقــل تطرفا من السّياســات السّــابقة، التي انتهجتها قبــل عقود، لكنّها لم تســتجب للتّغيرات االجتماعية التي شــهدها المجتمع األفغاني طوال الفترة التي غابت فيها الحركة عن الحكم وانشغلت بالقتال. مع ذلك، ترى الحركة أنّها حقّقت إنجازات مهمّة بعد عام ونيّف من عودتها إلى السّلطة، مثل تقديم الحماية األمنية للمجتمعات الشــيعية، وخفض وتيرة العنف، وتقليص مســتوى الفساد. غير أن تلك الجهود لم تحل دون حدوث تفجيرات استهدفت مساجد الشيعة وأماكن تجمّعهم، ولم تضع حدّا لتهديد تنظيم الدّولة، أمّا تقليص مستويات الفساد، فهو إلى حد كبير، مرتبط بإنهاء المســاعدات الخارجية والعمليات الدّولية التي كانت أرضا خصبة الستشــراء الفســاد في األوســاط الحكومية. من ناحية أخرى، فرضت الحركة رســوما وضرائب وشــرعت في جمع األموال عبر مطار كابل الخاضع لسيطرة

107

Made with FlippingBook Online newsletter