من تعقيد المفاوضات وسيســهمان في تعطيل العــودة لالتّفاق النووي. أوّلهما استخدام روسيا لمسيّرات إيرانية في حربها على أوكرانيا لضرب أهداف مدنية، وثانيهمــا االحتجاجات الشــعبية المناهضة للنظام اإليرانــي الذي يتّهم الغرب بافتعالهــا وتأجيجها. فإذا تعذّرت العودة لالتفاق، واســتمر التوتر بين الجانبين في التّصاعد، ستستمر إيران في تطوير برنامجها النّووي لتقترب أكثر من امتالك السّــ ح النّووي. في المقابل، ســتضاعف إسرائيل من عملياتها التّخريبية داخل إيران، لتعطيل المشروع واستعجال سيناريو المواجهة، وهو السّيناريو الذي يزيد من المخاوف الخليجية ويبقي حالة انعدام اليقين سائدة في المنطقة. من جهة أخرى، إذا تمّت العودة لالتّفاق النّووي، سيترسّــخ النّفوذ اإليراني في المنطقة باعتراف ضمني دولي، وستحصل طهران على عائدات مالية كبيرة بعد استعادة أموالها المجمّدة بسبب العقوبات والعودة إلى تصدير النّفط دون قيود. في هذه الحالة، ســتتمكّن إيران من رفع مخصّصات الفصائل المســلّحة التّابعة لها، وســتواصل تطوير مشــروعها الصّاروخي بما يزيد من خطر التّهديد األمني لدول الخليج العربية. فهناك ثالث ســاحات أساســية تخشــى الدّول الخليجية مــن زيادة النّفوذ اإليراني فيها: مياه الخليج على ضفافها، والعراق الذي يجاور السّــعودية والكويت، واليمن الذي يجاور السّعودية وعُمان. وفي كل األحوال، سيكون التّهديد مباشرا للسّعودية، وأي تردّد من الواليات المتّحدة لردعه سيدفع البلدان الخليجية للدّخول في ترتيبات أمنية إقليمية حسب الشروط اإليرانية، وهنا تكمن معضلة األمن الخليجي. هو 2022 التطــوّر الجديــد الذي مثّل تحدّيا إضافيا لألمــن الخليجي في العام الحرب الروسية على أوكرانيا، التي خلقت حالة من االستقطاب الحاد بين روسيا والقوى الغربية بقيادة الواليات المتّحدة األميركية. في ســياق هذا االستقطاب، سعت واشنطن لحشد حلفائها في مواجهة روسيا، ومن بينهم دول الخليج، التي تباينت مواقفها الختالف حســابات بعضها عن الحسابات األميركية واألوروبية، سواء العتبارات جيوسياسية أو اقتصادية مثل أسعار الطاقة. وقد برز هذا التّباين بوضوح أكبر في الموقف السّــعودي واإلماراتي، الذي بدا أقرب إلى الموقف الروسي، ليس فقط بشأن أسعار الطاقة، بل أيضا إزاء ملفّات أخرى مثل الملفّين
123
Made with FlippingBook Online newsletter