التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

أما السّــودان، وبعد نهاية اإلدارة المشــتركة للمرحلة االنتقالية بســبب تصاعد الخالف بين المكوّنين العســكري والمدني، واستئثار العسكريين بالسّلطة بداية ، فقد دخل في مأزق حاد ال يبدو أن الخروج 2021 من أكتوبر/ تشــرين األول منه ســيكون قريبا. ولم تعد الخالفات منحصرة بين العســكريين والمدنيين، بل توسّــعت وتعمّقت بين المكوّن المدني الذي انقســم بدوره إلى أكثر من طرف. كما دب الخالف بين العســكريين حول عالقتهم بالمدنيين من ناحية، ودورهم وموقعهم من الحياة السياســية من ناحيــة ثانية. ويلعب التدخّل الخارجي دورا إضافيــا في تعقيد هذه األزمة، مــع اختالف أجندات األطراف اإلقليمية المعنية بالشأن السّوداني. يستعرض هذا التّقرير أبرز العوامل المؤثّرة في األزمات التي يعيشها كُل من لبنان والعراق والسّــودان، هذا الثّالثي الذي شــملته الموجة الثانية من االحتجاجات . فكثير من مظاهر هذه األزمات متشــابه، وال 2020 و 2019 الشــعبية بين عامي تختلف أساليب إدارتها كثيرا، خاصّة في ظل تحديات اقتصادية خانقة وتدخّالت خارجية متزايدة. . األزمة اللبنانية وأولوية الحفاظ على الطائف 1 تعقيدا على الصّعيدين السّياســي 2022 ازدادت األزمــة اللبنانيــة خالل العــام واالقتصادي، وأخفقت المســاعي اإلقليمية والدولية في تخفيف حدّتها وإيجاد الحلول المناسبة. ويواجه لبنان أربعة تحدّيات أساسية سترسم حدود هذه األزمة : 2023 ووجهتها في العام دفعت تطوّرات السّنوات األخيرة بلبنان استمرار لبنان في قلب النّزاع اإلقليمي: إلى الضفّة اإليرانية أكثر، مع تراجع التّأثير العربي والدّولي بصورة ملحوظة. وال يزال النّزاع الجيوسياسي على موقعه ودوره مستعرا في سياق مواجهة إقليمية بين القوى المؤثّرة في معادلته الداخلية، وعلى رأســها إيران. تســتمر هذه المواجهة ، وبوجه أخص مع خروج ســعد " 2019 انتفاضة تشــرين " بالتّوازي مع تفاعالت الحريري من رئاسة الحكومة واعتزاله الحياة السياسية. ال شك أن جذور األزمة . 2005 أبعد من ذلك، فقد بدأت مع تراجع الطائف واغتيال الحريري األب سنة

144

Made with FlippingBook Online newsletter