التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

تحييد بلدهم عن صراع المحاور اإلقليمية. وما لم يحصل ذلك االتّفاق، ستظل تداعيات الصّراع تعوق أي مسعى للتوصّل إلى حلول سياسية أو اقتصادية. فالمفاوضــات مع صندوق النّقد الدّولي متعثّرة، وســيتعذّر الشّــروع في إجراء أي إصالحــات اقتصادية قبل التوصّل إلى اتّفــاق مع الصّندوق. وتكمن أهمّية هذا االتّفاق، إلى جانب ما ســيحقّقه من مســاعدة مباشرة للخزينة الّلبنانية، في كونه مدخال لمســاعدة لبنان، ســواء من الصّناديق والمؤسّسات المالية الدّولية، أو مــن بعض الدّول العربية. ولكن حل األزمة المالية الّلبنانية بشــكل جذري، يحتــاج إلى أكثر من اتّفاق مع صندوق النّقد الدّولي، فالكثير من المســاعدات الموعودة، خاصّة العربية منها، مرتبط بشــروط سياســية تتّصل باستعادة الدّولة لسيادتها وضبط حدودها واستعادة التّوازن بين طوائفها ومحاربة الفساد. وحتّى ، 2022 اتّفاق ترســيم الحدود البحرية الذي أُنجز مع إســرائيل في أواخر العام لن تســتفيد منه الدّولة الّلبنانية في وقت قريب. فأموال الغاز لن تدخل خزينتها قبل عدّة سنوات، بقطع النّظر عن كمّيات الغاز المتوقّعة وقيمة عائداتها المالية. ولكن اتّفاق ترسيم الحدود له أهمّية أخرى، فقد شكّل مدخال آخر للتّهدئة في المنطقة. وفي نفس السّــياق، سيشــكّل انتخاب رئيس جديد للجمهورية مجمع عليه دوليّا مدخال لتهدئة محلّية قد تُســهم في تراجع دور حزب الله اإلقليمي وضبط دوره المحلّي ليكون شريكا في القرار دون الهيمنة عليه أو تعطيله، على غرار موقفه في ملف ترســيم الحدود حين ترك القرار للدّولة وأعلن التزامه به. ومن شــأن ذلك أن يُســهم في إعادة تشكيل المشهد السّياسي الّلبناني بما يعيد آذار أو قوى شــبيهة بها، ولو تحت عناوين 14 له توازنه، ويعيد االعتبار لقوى مختلفة. وهذا هو الحد األدنى الضّروري الســتمرار الطّائف، تمهيدا إلنعاشــه، قبل أن تلتقي مختلف القوى مجدّدا على اتّفاق أكثر استدامة. إن عدم اســتتباع اتّفاق التّرســيم بمســار تهدئة إقليمي والمسارعة بفتح ورشة إصالح داخلية، ســيدفع باألزمة الّلبنانية إلى التّراجع مجدّدا على سُلّم أولويّات األجنــدة الدّولية لصالح أزمات أخرى في المنطقة وخارجها، وســتطول نتيجة لذلك معاناة اللبنانيين.

148

Made with FlippingBook Online newsletter