التقرير الاستراتيجي 2022 - 2023

األوروبي واألميركي لدعم أوكرانيا، فإن روسيا كانت تأمل أن يدعمها حلفاؤها الشرقيّون بفاعلية أكبر، تفك عزلتها وتحقّق نوعا من التّوازن العالمي. وكان اسم منظمة شــانغهاي قد تردّد كثيرا في الخطاب الروســي عن تعدّد األقطاب سبيال لبناء نظام عالمي أكثر عدال. ولكن، يبدو أن التوقّعات الروســية ورهاناتها على هذه الكتلة كانت أعلى من مســتوى استعداد أعضائها لتقديم الدعم المطلوب، سيما وأن أهم عضوين فيها، من حيث الوزن االقتصادي والديمغرافي والمساحة الجغرافية، ال يُتوقّع منهما الدّخول في صراع مع الغرب. فالهند، عضو في تكتّل آخــر يجمعهــا مع الواليات المتحدة، والصّين تربطهــا بأوروبا وأميركا مصالح تجاريــة واقتصادية أضعاف ما يربطها بروســيا، وهي في حاجة إلى المزيد من الوقــت لمواصلــة صعودها وزيــادة تأثيرها على الصّعيــد الدولي. ما يزيد من أهمّية منظمة شانغهاي في سياق هذا الصّراع كونها، باستثناء الهند، تجمع أنظمة سياســية يصنّفها الغرب في خانة االســتبداد ومناهضــة الديمقراطية والليبرالية. وهذا التّصنيف يعزّز التّقابل بينها وبين المنظومة الغربية، ويفسّــر جانبا آخر من الحســابات الروسية في توظيف قوّة هذه الكتلة. فوفقًا لنظرية بريجنسكي، التي يعرفها الروس جيّدا، يُعتبر التحكّم في الكتلة األوراسية مفتاح الهيمنة العالمية، والتحكّم في آســيا الوسطى هو مفتاح السّــيطرة على الكتلة األوراسية. غير أن التّنافس داخل منظمة شانغهاي ذاتها، يضع حدودا على قدرة روسيا على توظيفها في صراعها مع الغرب. فدول المجموعة كلّها تقع ضمن مشروع الصين الكبير الذي ضُخت فيه استثمارات ضخمة. " مبادرة الحزام والطريق " المسمى . معاهدة األمن الجماعي، أو ما بقي من الميارث السوفيتي 3 في أعقاب نهاية 1992 تُعتبر منظمة معاهدة األمن الجماعي، التي تأسّست عام الحرب الباردة، األقرب إلى توجّهات روســيا، واألكثر خدمة ألجندتها من بين التجمّعات اإلقليمية في الفضاء األوراســي. فقد نشــأت المنظمة بمبادرة روسية للمحافظــة على ما تبقّى مــن ميراث االتّحاد السّــوفيتي، وأعضاؤها كلّهم من الجمهوريات السّوفيتية السّابقة. إلى جانب روسيا، تضم معاهدة األمن الجماعي ك ُّل من بالروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. ورغم الطبيعة العسكرية لهذه المعاهدة، التي تنص في بندها الرّابع على الدفاع المشترك، أسوة

40

Made with FlippingBook Online newsletter