زيادة التّفــاوت االجتماعي ومفاقمة األزمات االقتصادية وإحداث االضطرابات السياســية. وبالنســبة إلى البلدان التي تكافح تداعيات األوبئة والحروب األهلية ومشاكل النّزوح والنّمو السكاني، فإن اآلثار المتتالية لتغيّر المناخ ستضاف إليها مجموعة أخرى من التحدّيات. تســجّل المنطقة العربيــة في الوقت الرّاهن درجات حــرارة عالية للغاية، تمتد لفترات زمنية أطول من ذي قبل. وتشكّل زيادة الغازات الدفيئة التّأثير المهيمن والمســؤول عن معظم االحترار الملحوظ، حيث ينبعث ثاني أكســيد الكربون والميثان من االستغالل واالستخدام المكثّف للوقود األحفوري. فازدياد معدّالت استهالك الطاقة األحفورية بسرعة في المنطقة يجعل منها مصدرًا أساسيا النبعاث الغازات الدفيئة بمعدالت تتجاوز مثيالتها في الهند واالتّحاد األوروبي. وينعكس ذلك ســلبا على بعض المناطق، فتصبح غير صالحة للعيش والزراعة، مع زيادة % 6 . 3 الضغط على المحاصيل والموارد المائية الشّحيحة. وباحتوائها على نحو من ســكّان العالم، تُعد منطقة الشرق األوسط وشمال إفريقيا أكثر المناطق فقرا % فقط من الميــاه العذبة المتجدّدة في 1 . 4 مائيــا. فســكّانها ال يصلون إال إلى في السنة، مقابل 3 م 1200 العالم. وبذلك، ال يتجاوز متوسّــط توفّر المياه للفرد ). ومع كون الزّراعة هي أكبر 4 في المناطق الجغرافية األخرى ( 3 م 7000 حوالي قطاع مســتهلك للمياه في العالم العربي، فقد تأثّر إنتاج القمح، كغذاء أساســي، ســلبًا من خالل زيادة موجات الحرارة والجفاف والتصحّر. وهذا االتجاه يهدّد المحاصيل ومصادر الغذاء األخرى، ما يحيل إلى زيادة االعتماد على الواردات الغذائية، ويجعل المنطقة حسّاســة بشــكل خاص للتقلّبات في سالسل اإلمداد الغذائي واألسواق العالمية وزيادة األسعار. وليس أدل على ذلك من أزمة الغذاء العالمية الحالية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا. من جانب آخر، يمكن أن ينتج عن زيادة الطّلب على مثل هذه الموارد الشّحيحة منافسة شديدة. فالعديد من البلدان تعتمد على مصادر المياه من خارج حدودها، وما يعنيه ذلك من خطر على أمنها القومي، وعلى اســتدامة العيش المشــترك على المستوى المحلي. فليست المياه وحدها مصدرا للنّزاع، بل إن الموارد في المســطحات المائية، وخاصّة األسماك، هي أيضا مجال للخالف في السّياقات
63
Made with FlippingBook Online newsletter