السّــيبرانية التي تتقاســمها البرمجيات الخبيثة وبرمجيــات الفدية واالختراقات التي تمارســها ميليشيات وقراصنة سيبرانيون مدعومون من قبل بعض الدّول أو الجماعات المعارضة. ولم تســلم جميع القطاعات في البلدان العربية من هذه التّهديدات والهجمات التي انتشرت في الفضاء االتّصالي للمؤسّسات الحكومية الحسّاسة، وشركات القطاع الخاص واألفراد، فأصبحت جل عقد النسيج الشبكي السّيبراني عُرضة بصورة دائمة للتّهديدات والهجمات. وتُعد دول مجلس التّعاون الخليجي األكثر عُرضة للهجمات السّــيبرانية مقارنة ببقية الدول العربية، بســبب التوغّل الكبير ألدوات المعلومات واالتّصاالت في جميع مفاصل حكوماتها ومؤسّســاتها. يضاف الى ذلك، المكانة الجيوسياســية التــي تتمتّــع بها، نتيجة لما تملكه من مصادر الطاقة وما تمارســه من أنشــطة اقتصادية واسعة، مع عالقات بعضها غير المستقرّة بجارتها إيران، التي تُعد من الدول المتقدّمة في مجال الحرب السّيبرانية. يمكن تقســيم الجهات التي تمارس التّهديدات والهجمات السّيبرانية في الوطن العربي إلى نوعين: جهات تقيم داخل الحدود الجغرافية للبلدان العربية، وجهات تقيــم خــارج تلك الحدود. وتشــترك جميع هذه الجهات فــي إقامتها بالفضاء السّــيبراني المفتوح الذي ال يقيم وزنا للحدود الجغرافية والسياسية للدّول. في هذا الفضاء، تقيم جيوش وكتائب ومجاميع قرصنة تدعمها بعض الدول للتأثير على المشهد الجيوسياسي في المنطقة. وهناك كتائب قرصنة أخرى تنشط بدعم من جماعات معارضة، إضافة إلى قراصنة منفردين يسعون لتحقيق مكاسب مادية سريعة، أو نشر خطابات سياسية وإيديولوجية معارضة ألنظمة الحكم. لقد أســهمت ميزة انفتاح الفضاء السّــيبراني ووفــرة أدوات القرصنة والتّهديد السّيبراني في إنتاج فئات متنوّعة، وخلق أعداد كبيرة ممّن يمارسون حرفة التّهديد واالختراق. كما أن تغييب هوية من ينشــطون في هذا المجال وصعوبة تحديد انتماءاتهم جعلت بعض األنظمة السياسية في المنطقة وخارجها تضع من ضمن أولوياتها ممارســة الضغوط السيبرانية والتّأثير في سياسات الدّول المناوئة لها. ويرسم الجدول التالي معالم المشهد الجيوسيبراني وتجاذباته في منطقة الشرق األوسط.
73
Made with FlippingBook Online newsletter