101 |
الغربية وفي سياقات تاريخية وثقافية وسياسية خاصة، ليُجعل أساسًا لتصنيف الأنظمة والحكم على مدى مطابقتها لمعايير الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، في الوقت الــذي لا تــزال فيه الكثير مــن الأنظمة الغربية تعاني من أزمة التطبيقات المشــوهة والانتقائية في تنزيلاتها لمعايير الحكم الرشــيد وتوصيفاته، وهو ما يجعلنا نتســاءل عن مدى إمكانية تجسيد مبادئ الحكم الرشيد، وعن مقومات البيئة الوظيفية الملائمة لتطبيقه في الأنظمة العربية لإصلاحها من عاهة الاستبداد والجمود. إن الانتقادات التي وُجّهت لمقاربة الحكم الرشــيد تستمد وجاهتها من الممارسات الصادرة عن الدول التي تأسست ضمن مدارسها وحواضنها الفكرية مفاهيمُ الديمقراطية وحقوق الإنســان والحكم الرشــيد وحرية التعبير، فرغم أن الأنظمة الغربية حققت مكتســبات معتبرة في التنمية الشاملة والحوكمة الاقتصادية والإصلاح السياسي، إلا ؛ إذ إن منظومة القيم الحداثية النيوليبرالية واللائكية " أزمة أخلاقية مزمنة " أنها تعاني والرأسمالية، التي نشأت في سياقات تنازعتها خصوصيات تاريخية وثقافية وسياسية على أنها البديل الفكري العبقري الأمثل 20 و 19 واجتماعيــة وقُدّمَت طوال القرنين الذي يمكنه تفسير وتسيير الواقع الإنساني في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والدين والأخلاق، أضحت بحاجة ماسّــة إلى مراجعة عميقة تطول أصولها الفكرية وتُخضِعُها للتقييم والنقد العلمي المتجرد، لنتساءل بعدها عن مدى نجاحها في صناعة الذي بشّرت به، وعلى حماية المجتمع الإنساني " النظام المثالي " و " الإنسان النموذج " من المخاطر الكونية والنزاعات الإثنية وعذابات الضمير وجنايات الأنا الطاغية، فض عمّا تسبّبت فيه هذه النماذج الفكرية في شقها السياسي والاقتصادي والأخلاقي من تبعات خطيرة على مستوى المنتظم العالمي، تجلى ذلك في المخاطر البيئية الناجمة عن الشــراهة المفرطة للمؤسســات الاقتصادية الرأسمالية الكبرى، وما تبع ذلك من اســتنزاف بيئي وتغير مناخي وكثرة الحروب والتصارع على موارد الطاقة من طرف مما أضحى يهدد أمن الكون والإنســان معًا دون أن " الديمقراطية " القــوى العظمى ننسى فشلها في الحفاظ على السلم والأمن العالميين وتعميق التعاون الدولي ليشمل المجتمعات الهشّة وما سُمي بالعالم الثالث، إضافة إلى تعاظم مظاهر الظلم والأثرة وانعدام التوازن الاقتصادي بين دول الشــمال والجنوب، والذي تجلى في اســتنزاف القوى الكبرى لمقدرات الشعوب المستضعفة، وارتهانها لمصالحها وخدمة سياساتها واقتصاداتها.
Made with FlippingBook Online newsletter