العدد 13 – فبراير/شباط 2022

103 |

والمحكمة الدولية بلاهاي وحلف الناتو وغيرها من المؤسســات الدولية والإقليمية التابعة لها بصفة رسمية وغير رسمية، والتي لم تزد العالم سوى ارتهان في يد القوى العظمى، واحتكار وتحكم في موارد وسياسات الدول المستعمَرة والمستضعفة. وبناء عليه، نؤكد أن هناك حاجة ماسّة لإعادة مراجعة الأدبيات الليبرالية، وأطروحات ما بعد الحداثة وغيرها من المقاربات الفكرية والسياسية التي قُدّمت كرؤى تفسيرية لحل مشكلات الإنسان وهندسة حاضره واستشراف مستقبله، ومن ذلك أيضًا مقاربة الحكم الرشيد التي لا تزال تعاني أزمة على مستوى التطبيق والممارسة، بسبب غلبة الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة والمنطق الاستعماري والاستعلائي في بناء العلاقات الدولية على أســاس التبعية بين المركز والهامش، وتبني سياســة الأقطاب والمحاور التي أســس لها النظام الدولي الحالي، وما نجم عن ذلك من احتكار صناعة القرار الدولي وارتهان مصائر الشعوب وقرار الحرب والسلم في ثلة من القوى الكبرى. . الأنظمة السياسية العربية ومستويات الانتقال الحضاري: منظور إصلاحي 7 إن التغيير في حياة الشعوب والحضارات هو سُنّة دائبة عبر مسارات الحياة ومحطاتها المختلفة، وكما يسري التجديد على كافة المجالات، فهو ينطبق تمامًا على الأنظمة السياســية للدول، فهي تتجدد طرديّا مع متغيرات الواقع وتحدياته وإكراهاته، وهذه المقدمــة تجعلنا نؤكد أن تطوير الأنظمة السياســية هو حتميــة موضوعية للاندماج والتكيف مع الحاضر، والتفاعل مع متغيرات المستقبل وآفاقه. ومــن الجديــر بالذكر في هذا المقام أن معطيات القرن الحادي والعشــرين تختلف بصفة جذرية عن معطيات وسياقات القرن العشرين من حيث نوعية الأيديولوجيات الســائدة، والتوجهات الجديــدة للمجتمعات وطبيعتها الثقافية التي ســبّبها الانفتاح والانكشــاف الإعلامــي وثورة الاتصــالات، والموازين الجديدة للقوى وانحســار الكيانات التقليدية، وتوســع مفهوم الأمن نتيجة توسع وتغير طبيعة التهديدات، وقوة تأثير الفاعلين -العابرين للدول- على الأنظمة السياســية، وتراجع المنظور الواقعي التقليدي لدور الدولة المركزية كفاعل رئيس ووحيد في رسم السياسات العامة...إلخ، ومع كل هذه التغيرات الثورية والجذرية لا يزال الكثير من الأنظمة السياسية العربية مرتهنًا للنموذج الكلاسيكي في الحكم، الذي يفتقد للفاعلية اللازمة ولا يملك القدرة على إنتاج الأفكار الجيدة وتحقيق الجودة والفاعلية السياسية.

Made with FlippingBook Online newsletter