| 160
خلاصة اختلــط مفهوم الجريمة السياســية تاريخيّا بمفهوم الإرهــاب، وذلك بحكم الباعث السياســي الذي تتقاســمه الجريمتان. فالمضمون السياسي للجريمة السياسية هو ما كان موضوع خلاف بين الدول، نظرًا لمجموعة من الاعتبارات أشــار إليها البحث، أهمها الاعتبار السياسي؛ حيث إن الاتفاق على مضمون الجريمة السياسية يلزم الدول بضرورة التعاون والتنسيق بينها فيما يخص تسليم المجرمين وتبادل المعلومات، وهو ما يعنى أن مصالح جهات كثيرة قد أصبحت مهددة. هذا بالضبط ما دفع الدول إلى إفراغ الجريمة الإرهابية من مضمونها السياســي لتســهيل عملية التصدي لها قانونيّا ومسطريّا. وكمــا يرى جزء من الفقــه في القانون الجنائي اليوم، نعتقــد أن الجريمة الإرهابية تبقى جريمة سياســية رغم كل الظروف والحيثيات بحكم الهدف الذي تســعى إليه المجموعات الإرهابية باســتمرار، والمتمثل في زعزعــة أركان النظام العام، وتغيير ). هذا بالرغم من أن 49 شــكل النظام السياســي القائم، وهو هدف سياســي صرف( الديمقراطيات الحديثة وفرت ســبل المشاركة السياسية في السلطة وإمكانيات تغيير النظام السياسي بالطرق السلمية. لكن يمكن القول: إن المحرك السياسي لكل من الجريمة السياسية والجريمة الإرهابية لا يمكن أن يُســقط عن أذهاننا أهمية عــزل الأفعال المكونة للجريمة الإرهابية عن هدفها السياســي، حتى وإن كان الهدف من ورائها تغيير بنية الدولة ومؤسســاتها أو جــزء منهــا. إن الأهمية المنهجية الناتجة عن هذا العزل هي بالغة التأثير، حيث إنها تمكن رجال القانون والممارسين القضائيين من التحرر من الخلفية السياسية للجريمة السياســي، " المنحرف " الإرهابية، والتي بمقتضاها قد يســتفيد الإرهابي من وضعية كحق اللجوء مث ً. كما تمكّن المشــرع من سَــنّ سياســة جنائية فعالة وذات أسس عقلانيــة لمواجهــة الظاهرة الإرهابية، وتجعل من معاقبة كل الأفعال التي تدخل في إطار المشروع الإرهابي أمرًا متاحًا. فهذا الأخير، لا يمكن إنجازه إلا في إطار جماعة من الأفراد، تشمل المنظّر والمخطط، والمشارك، والمساهم، والمتعاون. إن الحركات الإرهابية المتطرفة لا تندرج ضمن الحركات التي تشــتغل في الفضاء السياسي الرسمي، بقدر ما تندرج ضمن الحركات التي تحمل مشروعًا ينازع مشروع
Made with FlippingBook Online newsletter