العدد 13 – فبراير/شباط 2022

| 52

من خلال وجودها الرســمي والقانوني في قوات الحشــد الشعبي والقوى السياسية الممثّلَة لها في البرلمان، أو من خلال وجودها غير الرسمي كفصائل مسلحة خارج التشــكيل الرســمي للقوات الأمنية. هذا الوجود وضع النظام السياســي في إشكالية حقيقيــة، وخلــق منه حالة رمادية تتــراوح بين مفاهيم متناقضــة (النظام واللانظام، الدولة واللادولة، الديمقراطية واللاديمقراطية)، وذلك بسبب التشوهات التي رافقت عملية تكوينه، وطبيعة الخطاب والرؤية التي فرضتها تلك الجماعات عليه (شــك ومضمونًا)، مما خلق الكثير من التحديات أمام التنمية البشــرية ومشــروع الدولة في العراق. وتظهر إشــكالية نموذج النظام السياســي، كواحدة من الإشكاليات التي تمثّل تحديًا كبيرًا أمام التنمية في العراق، من خلال جعله أســير أيديولوجيات معينة تتماشى مع المعتقدات السياســية والأيديولوجية للجماعــات اللادولتية، والحفاظ عليه كواجهة سياسية رسمية أمام الرأي العام (الداخلي والدولي)، والاندماج الشكلي معه، بهدف إخضاعه لمفاهيم محددة وسياقات بيروقراطية تتناسب وطبيعة معتقداتها الأيديولوجية الإقليمية، وبما ينســجم مع الاســتراتيجية الإيرانية في العراق، التي تهدف إلى عدم إنجاح النموذج العراقي، كعملية ديمقراطية ونظام سياسي، وعدم ظهور العراق كقوة منافسة، سواء كان ذات طبيعة عسكرية أو سياسية، أو كان مستمدًا من إخفاقه النهائي (وقوعه في حرب أهلية)، أو نجاح حاسم (ظهوره كنموذج ديمقراطي حقيقي)، تلك الاستراتيجية القائمة على فرضية دعم الفوضى طويلة الأمد، والقابلة للسيطرة عليها .) 25 في المدى القصير( لقد شــكّلت هذه الفرضية التحدي الرئيس في مسار التنمية وبناء الدولة في العراق؛ لهــذا فــإن النظام السياســي الحالي يمثّــل بيئة خصبة وحاضنة رئيســة للجماعات اللادولتية، وهو بمنزلة المظلة التي تحتمي بها تلك الجماعات تارة، وتندد بها تارة أخــرى؛ إذ تحتمي به كنظــام ضامن لوجودها وحركتها كقوى موازية للدولة، وتُندّد بــه مــن أجل قطع الطريق على عدم مشــروعيته، بكونها متضررة منه. وهذا ما خلق لها وللنظام شكً رماديّا غير واضح المعالم من أجل إغلاق أي نقاش حول طبيعة النظام ومســتقبله، ولاســيما أن تلك الجماعات بدت مكتفية بالمناخ الريعي السائد في البلاد من خلال حصصها في أســواق النفط وســيطرتها على المنافذ الحدودية ومزاد بيع العملة، التي يؤمّنها لها النموذج السياسي العراقي الحالي. لهذا، فإن أول

Made with FlippingBook Online newsletter