العدد 13 – فبراير/شباط 2022

| 78

العالم الثالث، لاســيما العربية منها. وعليه، سنحاول من خلال هذه الدراسة النقدية معالجة أهم الإشكالات المسبّبة للعجز الوظيفي للأنظمة السياسية العربية، وإمكانات الاستفادة من منظومة الحكم الرشيد في الارتقاء بهذه الأنظمة، وإنعاش أدائها السياسي وفق الخصوصيات المميزة للسياق العربي وأدبياته الثقافية والاجتماعية والتاريخية. . اعتبا ارت منهجية 1 أ- إشكالية الد ارسة وفرضيتها تنمو النظم السياســية وتتطور كغيرها من الظواهر الطبيعية والإنســانية، وهي بحاجة دائمــة إلى التحديــث والتنمية والإصلاح لتجديد بنيتها المؤسســاتية وإنعاش أدائها السياســي، وفي هذا الســياق، ولمعالجة موضوع الدراسة، يطرح الباحث الإشكالية الآتية: كيف يمكن الاســتفادة من مقاربة الحكم الرشــيد في تنمية الأنظمة السياسية العربية وتطوير أدائها وتحصينها من العجز الوظيفي؟ وتنطلق الدراســة من فرضية أساســية تربط بين قدرة النظام السياســي على تجديد أدواته وأهليته الوظيفية، وإمكانية استجابته للتحديات الداخلية والخارجية وتطلعات الشعوب. ويمكن صياغة الفرضية على هذا النحو: كلما كان النظام السياسي متمتعًا بالشــرعية المؤسســاتية والأهلية الوظيفيــة والقدرة على تجديد أدواته ومؤسســاته السياسية، كان أكثر كفاءة في الاستجابة لتحديات البيئة الداخلية والخارجية، والتكيف مع متغيراتها والانسجام مع تطلعات الشعوب وآفاقها المستقبلية. ب- أهمية الد ارسة تتجلى أهمية الدراســة في محاولتها وضع منظور نقدي استشرافي لتطبيقات نموذج الحكم الرشيد، واستلهام إمكانات الاستفادة منه في تنمية وتحديث الأنظمة السياسية العربية، مع مراعاة خصوصية هذه الأخيرة للاحتراز من إشــكالية النمذجة والتعميم الذي لا يراعي الفوارق وميزات البيئة الثقافية والسياسية والتاريخية. فمقاربة الحكم الرشــيد تسعى لتقديم منظور سياســي لتحقيق الجودة، والفاعلية السياسية، وهندسة السياســات العامة من منطلق براغماتي، كما تســهم تطبيقاته السليمة في الوقاية من العجز الوظيفي الذي تعاني منه أغلب الأنظمة السياسية العربية في استجابتها لتحديات التنمية، في ظل التنوع المجتمعي وتنامي طموحات الشعوب العربية المعاصرة.

Made with FlippingBook Online newsletter