| 54
خاتمة يُستخلص من كل ما سبق ذكره ما يلي:
. أن لجــوء الصحف الورقية العربية إلى النشــر عبــر اإلنترنت أو تحوُّلها كليًّا إلى 1 النشــر الرقمــي لم يخرجها من وضعها الهش، بل أضــاف لها عبئًا آخر، خاصة أن الكثير منها أعاد إنتاج النســخة الورقية في شــبكة اإلنترنت، مما يعني توســيع نطاق " نيويورك تايمز " هشاشــتها. وهذا خالفًا لما قامت به بعض الصحف األجنبية، مثل ، والتي بيَّنت تجربتهما أن الطبعة الرقمية أصبحت تختلف كثيرًا عن الطبعة " لوموند " و الورقية بعد أن تمكَّنت من ترسيخ الخصائص الرقمية التي يتفق عليها عدد متزايد من محترفي العمل الصحفي والباحثون، والتي تمنح الحرية للصحافيين في ابتكار أفضل القوالب السردية لألخبار عبر الوسائط المتعددة، وتلك التي تتيح للقراء التفاعل مع المحتويات وحتى شــخصتنها من خالل الســرد التفاعلي، والتفكير في أدوات ربط المواد الصحفية بالبيانات والمعطيات واستغالل أرشيف الصحيفة، واستخدام النص المتشعب. . بيَّنت تجربة الصحافة األجنبية وجود عالقة وثيقة بين محتوى الصحف واقتصادها، 2 فاألول يقود الثاني وليس العكس. وهذا ما يتضح من خالل اســتغالل بيانات القراء وتوظيفهــا في اختيار الموضوعات وتجريب المنتجات اإلعالمية الجديدة للطبعتين، الورقية والرقمية. وبهذا زالت فكرة التنافس بينهما لتحل محلَّها فكرة التكامل والتنوع للوصول إلى مختلف شرائح القراء. . ال تعانــي الصحافة الورقية العربية من هشاشــة مؤقتــة مما يتطلب حلو ًل ظرفية 3 ذات طبيعــة إداريــة أو ماليــة أو تقنية علــى أهميتها، بل إنها تعيــش أزمة وجودية جوهرية تتطلب العمل الدؤوب على إعادة بنائها حق ًل مستق ّل بذاته، وهو ما يقتضي االلتفات عن البراديغم التقليدي للصحافة وللعمل الصحفي، وإعادة النظر في معنى وجــود الصحافــة في المجتمع المعاصر، وما طبيعتهــا ودورها على ضوء التغيرات التــي طرأت على القراء، ولماهية الصحافــي المُجْبر على إعادة تكوين ذاته وتَطبُّعه بما يتماشــى والتحوالت التي تعيشــها قاعات التحرير اســتجابة لمنطق التكنولوجيا مــن جهــة، ولحاجات القراء، من جهة أخرى. وهذا يســتدعي إقامة حوار دائم بين
Made with FlippingBook Online newsletter