الطريق إلى أوكارنيا كان الطقس معتدال في موسكو على غير المعتاد، مع قطرات مطر متناثرة على زجاج السيارة، تزيدنا حماسا يطغى على ما ألم بنا من قلق وخوف.. السيارة ذاتها سوف تقلّنا إلى الحدود مع أوكرانيا في ساعة مبكرة من يوم الثالثاء، السابع عشَر من مايو/أيار ألفين واثنين وعشرين. لم أفكر طوال الطريق الذي استغرق أكثر من ثالث عشرة ساعة للوصول إلى مدينة روســتوف الروســية الحدودية مع أرض الحرب، فيما سوى تفاصيل المشــهد والصورة المتوقعة رؤيتها في يومي األول هناك، وأنا أعلم أن الجيش الروسي سيرافقنا في قافلة تضم عشرات الصحفيين إلى األراضي األوكرانية، أو كما يحلو لحلفاء موسكو وأبنائها أن يسموها، " جمهورية دونيتســك الشــعبية " وبعد ذلك ال نعلم أين ســتكون وجهتنا، لكن الجميع يذكّر الجميع بإرشــادات السالمة التي يفرضها الجيش الروسي على من يرافقه من الصحفيين. وصلنا قرابة العاشرة مساءً، وبقينا على استعداد في انتظار انطالق الحافلة. تحرّكت أخيرًا في الثانية فجرًا من اليوم التالي (األربعاء الثامن عشَر من مايو/ أيــار) بعــد أن تمكّن التعب منــا، وكنت أصارع غمضة عينــي كي ال تغلبني، فأشــاهد كل تفاصيل الطريق رغم أن ظلمته حجبت عنا صورًا كثيرة، باســتثناء إنارة الســيارات المحدودة جدًّا التي كانت تعطيني شــعورًا بأن الطريق آمن هنا، ألننا ما زلنا داخل األراضي الروسية. ما بعد الحدود الســاعة السادســة فجرًا من اليوم نفســه، دخلنا األراضي األوكرانية من الجانب الذي تســيطر عليه القوات الروســية واالنفصاليون الموالون لها، إنها كما أصبحت تعرف " جمهورية دونيتســك الشــعبية " أراضي إقليم دونباس، أو لدى الروس. إجراءات المعبر الحدودي انتهت بعد ساعة ونيّف، وما إن دخلنا األراضــي األوكرانية حتى فوجئنا بجندي روســي يدخل الباص الذي يُقلنا إلى هنــاك، كانــت نظراته حادة جــدًّا.. هذا ما رأيته منه فقط، فاللباس العســكري
127
Made with FlippingBook Online newsletter