كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

لــم تكن المــرة األولى التي أســافر فيها على متن طائرة، لكنها ليســت كسابقاتها. كنت حريصة على مراقبة ما يحدث خلف زجاج نافذة الطائرة. عندما بدأت الهبوط على مدرج مطار وارســو الدولي، يوم الثالثاء، التاسع والعشرين . 2022 من شهر مارس/آذار من عام إنهــا بولندا، التي قفزت إلى واجهــة األحداث واألخبار وأصبحت عنوانا رئيسيا، بعد أن تحولت حدودها مع أوكرانيا إلى واحد من أهم المعابر لعشرات اآلالف من األوكرانيين الهاربين من أتون الحرب األوكرانية الروسية الدائرة في .) 2022 بالدهم منذ الرابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي ( طــول الحــدود بين أوكرانيا وبولنــدا يبلغ أكثر من خمــس مئة كيلومتر، وتربطهما أربعة معابر يدخل منها األوكرانيون إلى أراضي بولندا، وهناك حوالي ثمانية ماليين شــخص يعيشون في المنطقة الحدودية، مقسمين بالتساوي تقريبًا بيــن بولندا وأوكرانيا، وتعد هذه الحــدود بين الدولتين من أهم معابر الوصول ، ولذلك فهي تخضع 2004 إلى االتحاد األوروبي الذي انضمت إليه بولندا عام لحراسة مشددة، للحد من تهريب البضائع والهجرة غير الشرعية. في تلك الليلة التي وصلت فيها إلى العاصمة البولندية لم أنم إال ساعات محدودة، فقد انشــغلت بجمع معلومات أكثر عن تاريخ العالقات بين روســيا وأوكرانيا وبولندا ودول الجوار؛ فالتاريخ، وإن تغير، يكرر نفسه عادة. كان جــل اهتمامــي منصبا على معبر (ميديكا) الذي ســيضعني عند عتبة األراضي األوكرانية، وهي المحطة األولى التي ســأبدأ منها العمل في تغطيتي. كنت مدركة أنني ســأرى وأقابل هناك قصصا عديدة ومختلفة، بحكم تغطياتي الســابقة في الشأن اإلنســاني وعمليات اللجوء والنزوح في العراق وسوريا وما يترتــب عليهــا من قصص تكون أحيانا أقرب إلى الخيال، فهكذا هي الحروب، تحمل في طياتها أحداثا وحكايات تعجز الصور والكلمات كثيرا عن نقلها نقال تاما مهما كانت مهارة الصحفي وخبرته. بــت ليلتــي في العاصمة وارســو وفــي الصباح أقلتني ســيارة إلى مدينة الحدودية مع أوكرانيا. تحدثت مع زميلي، الصحفي محمد البقالي، " بشيمشــل "

63

Made with FlippingBook Online newsletter