تحديا صعبا. أذكر أنه بعد أيام من وجودنا في معبر ميديكا، أردنا رصد الواقع اإلنساني في محطات القطار، لذلك توجهنا إلى محطة القطارات في مركز مدينة بشيمشل، وبدت لنا مكتظة، وال عجب فهي تستقبل يوميا رحالت عدة من كييف ولفيــف فــي أوكرانيا، ومن هذه المحطة يتوجه بعض الالجئين إلى دول أوربية أخرى، كألمانيا وفرنسا وغيرهما، دون أن يدخلوا المدن البولندية. مكثنا في المحطة ساعات، فالوقت المستقطع بين مداخلة تلفزيونية وأخرى غيــر كاف للتحــرك أو العودة إلى الفندق لذلك وجب علينــا البقاء فيها، وقد لفت انتباهي رجل خمسيني يلف علم أمريكا على نفسه، فاقتربت منه ألستفسر وأتعرف على قصته. ، أمريكي، ترك زوجته وطفليه وقطع كل هذه المسافة الطويلة " جون " اسمه مــن بالده إلى بولندا، وهو يود العبور عبــر محطة القطار إلى لفيف، والتحرك منها إلى الجبهات المتوترة، والقتال ضد روســيا.. حدثني كثيرًا عن رفضه لما تقوم به روسيا ضد أوكرانيا، وبأنه يدعم المدنيين ألنهم الضحية وليس لهم ذنب في السياســات.. وعندما علم أني ســورية قادمة من العراق أكد رفضه للحرب وانحيازه لإلنسان وقضاياه أينما كان. بعد نحو أســبوعين مــن التغطية بين معبر ميديــكا ومحطة القطار ومركز اإليــواء، اقترحنــا علــى إدارة التحرير العودة إلى العاصمة وارســو، ومما عزز المقتــرح تلك األنباء التي تتحدث عن وصــول أكثر من مليون الجئ أوكراني إلى وارســو، وتســببهم في ارتفاع أسعار اإليجارات وتأثيرهم السلبي في فرص العمل، وبعد أن حظي المقترح بالموافقة انطلقنا إلى هناك. كانت مدينة المعارض ومحطة القطارات الرئيســية في وارسو أهم نقطتين يصــل إليهما الالجئون. في المحطة لم يبد المشــهد كمــا كان عليه في األيام األولــى مــن بدء اللجوء من أوكرانيا إلى بولندا، فالحركة تبدو حاليا أقرب إلى الطبيعية، والنظام يبدو واضحا، على عكس الفوضى واالكتظاظ الذي كنا نشهده في األيام األولى من الحرب، خاصة بعد أن قامت السلطات المحلية، بالتعاون مع منظمات اإلغاثة، بفتح مركز استقبال لالجئين في باحة المحطة؛ يستريحون فيه ويتناولون الطعام ريثما يتم توفير أماكن إيواء ثابتة لهم. ومما أذكره أن شعار الجزيرة كان يلفت المارة والمسافرين في المحطة، فيبدون إعجابهم بالقناة ويؤكد
69
Made with FlippingBook Online newsletter