كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

وجهها األبيض أمامي، هادئة باســمة دامعة العينين.. ما الذي جاء بي إلى هنا؟ كيف تركتها على سرير المستشفى وأتيت إلى هنا لتغطية الحرب الروسية على أوكرانيا؟ أمي هل أبكيك وأنت في أضعف أيامك؟ كنت في طريقي إلى أوكرانيا عندما أبلغتني شــقيقتي بأن والدتي ستخضع لعملية جراحية الســتئصال ورم خبيث في معدتها. قررت العودة إلى فلســطين. لكن أمي طلبت مني مواصلة المهمة فهي، منذ أن كنت أعمل في تلفزيون محلي بفلسطين ال مشاهدين كثرا له، لم تفوت لي تقريرا. على مدار سنوات من العمل كانــت جمهوري األول، بل عندما كنت أنشــغل بالمتابعات اإلخبارية وتفوتني الشاشة كنت أسألها هل بُث تقريري؟ فتجيبني بعدد المرات التي بُث بها، وتذكر توقيت النشرات التي بُث خاللها. كانت العين الفاحصة لعملي، عقب كل تقرير هذه لم تعجبني، كنت " ، " كنت موفقة يا سالم " ترســل إلي تقييمها على هاتفي: . " كانت المعلومات بحاجة إلى توضيح أكثر " ، " مشتتة شــاهدت السائق ينهض رافعا يديه ملوحا ببطاقة الصحافة رغم أنه يرتدي درعا واقيا من الرصاص مكتوب عليه بخط واضح صحافة، كان يصرخ بالروسية ، مشيرا باتجاه باقي أعضاء الفريق " صحافة " أي " جورناليســتكا.. جورناليســتكا " الذين وقفوا الواحد تلو اآلخر رافعين أيديهم باتجاه القناص المتمركز في الجهة األخرى ويفصلنا عنه النهر. هل أبقى مختبئة أم أنهض؟ كنت أجري حســاباتي للموقف بالطريقة التي تضمن ســ متنا؟ كان السائق يشــرح لكن الرياح وجريان ماء النهر كانت تقف عائقــا بيننا وبين الجنــود في الجهة المقابلة، فيعاد الــكالم ذاته مرات ومرات وبنبرات مختلفة. قررت النهوض ألتجه نحو الجسر رافعة يدي وأصرخ بالكلمة األوكرانية الوحيدة التي حفظتها (جورناليســتا) ربما صوت فتاة بالمكان يخفف من احتقان الموقف. إذا أطلت االختباء واكتشــفوا الحقا وجودي فهذا ســيزيد األمور سوءا أو ربما يعرضني إلطالق نار الحقا. وقفــت رافعة يدي في الهواء ســرت وأنا أصــرخ باألوكرانية واإلنجليزية صحافــة.. صحافــة. أصبح المشــهد واضحا أمامي ثالث خــوذ تتحرك بحذر خلف ساتر إسمنتي وضعت فوقه أكياس رملية وال شيء أوضح من فوهة بندقية

77

Made with FlippingBook Online newsletter