كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

المغــادرة. أتممنا مهمتنا وأنجزنا تقريرًا لن أنســاه.. وعدنــا أدراجنا إلى غربي أوكرانيا من جديد! ذاك الغرب الذي بدأت تتغير مالمحه، حيث لم يعد بمنأى عن الصواريخ والقصف المباشر، لنبدأ مرحلة جديدة من المهمة التي كان مقررًا لها أن تكون عشرة أيام فقط، إذ طُلب منّي البقاء حينها حتى إشعار آخر! بدأنا نســتيقظ على أصوات الضربات الصاروخية ودخان االنفجارات في لفيف ومحيطها، وحيث ال يتسع المقام للحديث عن كل االستهدافات رغم أن لكل منها تفاصيل كثيرة، فإنني سأذكر قصتين فارقتين في تلك التجربة! كنــت حريصًا علــى الوصول أو ًل إلى مواقع القصف ليس للســبق فقط، على أهميته، بل لنقل الحدث كما هو على أرض الواقع وتقديم ما أستطيع من إجابات لحرب مليئة بعالمات االســتفهام، وهــو ما جرى بالفعل، حينما دوَّى من مارس/آذار في منطقة لفيف وكان أول استهداف لها في 13 انفجار فجر الـ موقع شديد الحساسية، علمت حينها أنه قاعدة عسكرية قرب الحدود مع بولندا، ســريعًا توجهت مع الفريق الشجاع المرافق لي إلى المكان الذي كان يعتبر من األماكن األكثر حساسيةً، ورصدت واقعه وآثار الدخان تتصاعد من جوانب منه، واستأذنت الجنود الذين وافقوا على مضض في البث مباشرة من المكان ونقل الواقع، كنا الوحيدين في المكان فترة طويلة، ننقل مشــاهداتنا ونشــرح حساسية الموقع المســتهدف وأبعاده، وكان في تلك الفترة حديث على مســتوى العالم متعلق بمشــاركة المتطوعين األجانب في تلك الحرب، دون أدلة أو معلومات كثيــرة بين يــدي الصحفيين، وقد فوجئت بطلب أحــد الضباط إيقاف التصوير مؤقتا، ثم مرور مجموعة من الشــبان بزي عســكري وعلى أكتافهم أعالم دول أجنبيــة مختلفــة، وبعد عودتي إلى الهواء، ذكرت ما رأيت بدقة لنحقق الســبق ونكون أول من ينقل خبرًا كهذا على الهواء، وقد شــكّل في نظر كثيرين لحظة من اللحظات الفارقة في هذه الحرب! 26 أما الحدث الثاني الذي ال تُمحَى تفاصيله من ذاكرتي، فقد كان في الـ ، حينما كنت أجلس مع الســائق فــي أحد مباني لفيف 2022 مــن مارس/آذار العاليــة، لتدوي صافرات اإلنذار ويُطلب منا المغادرة بســبب قصف صاروخي

90

Made with FlippingBook Online newsletter