كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

إلى جانب القطار؛ كانت العائلة الوحيدة العائدة التي صادفناها على متن قطارنا. لكن المفاجأة أنني عندما تقدمت لتعريفهما بنفسي وسماع قصتهما، اندهشت ألن قبل " ســمير " الرجل أوكراني من أصل عربي، وزوجته أوكرانية، أنجبت طفلها يوميــن فقط من اندالع الحرب! واضطرت العائلة للهرب ســريعا، لكن أحوال زوجها الفلســطيني األصل اإلعالمي العربي " إياد " اللجــوء كانت صعبة جدا، و األوكرانــي، اقترح عليها العودة فور ســماع أخبــار تراجع حدّة الخطر، وهو ما جرى! كانت القصة بتفاصيلها مفاجَأة للغاية، وبالفعل رافقنا العائلة طيلة رحلتها، ووصلنا إلى كييف، وشــاهدنا بعيونهم كما نقلنا بكاميرتنا، صدمتهم من مشاهد الدمــار وآثاره علــى المدينة، وكيف اختلف حالها عمّا اعتادوا عليه، لدرجة أن -زوجة بطل قصتنا- لم تســتطع التعبير! وكان ذاك أول تقرير ننجزه في " يوليا " العاصمة نقلنا فيه مشاعر العائدين بلسان عربي هذه المرّة! ثم واصلنا مهمة طويلة في العاصمة، نغطّي فيها دخول السكّان إلى بيوتهم أكثر من شهر، ودخلنا " كييف " في مناطق سيطر عليها الروس بالفعل في محيط صاحب البيت " فولوديمير " بيتا في مدينة غوســتوميل شمال غربي العاصمة، مع الــذي كان قــد أتم حديثــا تصميمه وترتيبه وما زال يدفع أقســاطه منذ ما قبل الحرب، ليراه بحال مختلفة تمامًا وقد ســكن البيت جنود من القوات الروســية عرفناهم بآثارهم الكثيرة التي تركوها، ومخلفات طعامهم ومعداتهم.. وأكثر من ذلــك، مما صادفنا من ألغام زُرعت في المبنى على أبواب المنازل، وقد تمكّن مساعدنا األمني من رصدها مباشرة وتحذير الجميع من االقتراب منها. في كييف، وإن كانت القوات الروســية قد انســحبت، فإن القصف البعيد المدى لم يكن يتوقّف، وال ســيما على أهداف عســكريّة ومؤسســات صناعية معروفة، فقمنا بتغطية ذلك القصف، وحرصنا، كواجب كل صحفي مهنيّ، على ، وهو ما جرى حينما سمعت " البروباغندا " أال نقع في شرك أي شكل من أشكال صوت انفجار قوي وسط العاصمة في اليوم الذي زارها فيه األمين العام لألمم المتحدة، بعدما كنّا قد رافقناه في زيارته كلها. كان مصوري على موعد مع تصوير مقابلة مع أحد المسؤولين برفقة منتج التغطية، فاضطررت مجددًا إلى أن أتوجه بهاتفي نحو مكان الصوت، وهي قصّة

92

Made with FlippingBook Online newsletter