العدد18

| 16

ثم قدَّم استقراء لست عشرة حالة من العالقات بين القوى الصاعدة والقوى السائدة خالل القرون الخمسة المنصرمة، فوجد أن اثنتي عشرة منها انتهت بالحرب. وقد ظهرت أطروحة أليســون ضمن جدل ســاخن بين المفكرين اإلستراتيجيين منذ عَقدين من الزمان حول مآالت العالقات بين الصين والواليات المتحدة. حيث ذهب عدد من المنظرين الغربيين إلى حتمية الحرب بين العمالقين الدوليين، وذهب عدد من المنظرين اآلســيويين إلى أن حالة التالقي وتحقيق المصالح المشــتركة هي التي ستسود بينهما، وأن ال مصلحة للصين في تحدي التوازن الدولي السائد، بينما رجَّح آخرون شيئًا من التنافس السلمي المنضبط الذي ال يصل درجة الحرب، وذهبوا إلى الصين يمكن أن تكون -بالتوازي- سندًا لبعض مكونات التوازن الدولي الحالي، " أن .) 10 ( " وتحديًا لمكوناته األخرى فمن القائلين بحتمية الصدام بين الصين والواليات المتحدة -إضافة إلى أليســون- منظِّر العالقات الدولية الشــهير، األســتاذ بجامعة شــيكاغو، جون ميرشايمر، الذي ســنُفيض في شــرح رأيه الحقًا. ومن النَّافين لكون الصين تهديدًا للواليات المتحدة عــدد من األكاديميين الصينييــن، الذين يلحُّون على أن الصِّدام ليس جزءًا من ثقافة .) 11 الصين التاريخية، ألنها ثقافة تُعلِي من قِيَم التعاون والسِّــلم والروح الجماعية( ومن اآلملين بالتعايش السلمي بين الطرفين، مع االقتناع بأن العالقات بينهما ستكون عالقة تنافس إستراتيجي، المفكر والدبلوماسي السنغافوري، كيشور محبوباني، الذي أفْردْنا له قســمًا من هذه الدراســة، والمفكر والسياســي األسترالي، كيفين رَادْ، وهو ). وسنتناول نماذج 12 ( الحرب التي يمكن تفاديها مؤلف كتاب عن الموضوع بعنوان: من هذا التنظير بتفصيل، ضمن سياقها المناسب من هذه الدراسة. لقد عرف التاريخ البشــري منذ آالف الســنين صراعًا دائمًا بين القوى البرية الكبرى والقوى البحرية الكبرى، بدوافع مادية ومعنوية كثيرة، وحدد هذا الصراع مصائر العديد من الشعوب والحضارات. وقدَّم اآلباء المؤسسون لعلم الجغرافيا السياسية المعاصرة نظريات مهمة، تحولت مفاتيح تحليلية في هذا المضمار. ومن هذه النظريات نظرية ،) 1947 - 1861 التي صاغها البريطاني، هالفورد ماكيندر ( Heartland " قلب األرض " . وخالصتها أن أهم منطقة 1919 الصادر عام الـــمُثُل والوقائع الديمقراطية في كتابه ، وهي تطابق مساحة االتحاد " قلب األرض " في العالم هي منطقة أوراسيا التي دعاها

Made with FlippingBook Online newsletter