العدد18

| 20

مصائر البشــر في المستقبل. وهو يتبنى الرؤية الصينية والروسية الساعية إلى تفكيك الحلف األطلسي، وفصْل الضفة األوروبية من المحيط األطلسي عن الضفة األميركية. علمًــا بأن روســيا والصين تحاوالن تحقيق هذه الغايــة بطرائق مختلفة. ففي التنظير اإلستراتيجي الروسي -الذي يعبِّر عنه دوغين- يأتي هذا المسعى في صيغة تصادمية فاقعة، بينما يسعى الصينيون إلى تحقيق ذلك االنفكاك بين أوروبا والواليات المتحدة بطريقة ناعمة، من خالل تشجيع األوروبيين على االعتماد على الذات، وبناء هويتهم اإلســتراتيجية المســتقلة عن المظلة األميركية. وقد عبَّر محبوباني عن الرؤية الصينية -كعادته- فنصح األوروبيين بالحياد في التعاطي مع التنافس الصيني-األميركي، قائ ًلً: إن أفضل ما تفعله أوروبا هو أن تكون فاع ًل مستق ّلًّ: إذا كنت كبيرًا بما فيه الكفاية، " .) 26 ( " فلست بحاجة إلى الدوران في فلَك طرف آخر وقدَّم محبوباني النصيحة ذاتها ألستراليا، التي هي امتداد حضاري غربي في المحيط الهــادئ، يــكاد يالمس القارة اآلســيوية، وقد انضمت في األعــوام األخيرة لحلف ). فقد نصح محبوباني AUKUS ( " أوكوس " أنكلوساكســوني معاد للصين هو حلف أســتراليا باالعتراف بالبيئة اآلســيوية التي تنتمي إليها مكانًا، بدل المراهنة على القوة األميركية البعيدة، تأسِّــيًا بدول أميركا الجنوبية في تكيُّفها مع قوة جارتها الشــمالية في حالة أستراليا، نصيحتي هي أنه بما أن أستراليا " القوية، الواليات المتحدة: فقال: .) 27 ( " محاطة بأربعة مليارات آسيوي، فعليها التكيف مع هذه الحقيقة ويبقى التحدي األساســي بالنسبة لمصائر النظام الدولي والسِّلم العالمي هو مستوى قبول الغرب للصعود اآلســيوي عمومًا، والصيني خصوصًا؛ حيث يذهب محبوباني )، رغم أنه 28 ( " قد شــعرت باالضطراب مع نهوض دول آسيا " إلى أن الدول الغربية % من سكان العالم أنهم يمكنكم أن يقرروا مصائر 12 من غير المجدي أن يتصور " % من سكان العالم. وحتى اآلن ترغب األغلبية في العمل 88 النسبة الباقية التي تمثل مع الغرب. ومع ذلك فإذا ما حاول الغرب أن يستمر في سيطرته، فسيكون هناك رد فعل عنيف لن يمكن تجنبه. هذا هو الســبب في وقوف البشــرية عند مفترق طريق .) 29 ( " حاسم للتاريخ ورغــم أن محبوبانــي ليس معاديًا للغرب عداء أيديولوجيًّا -على غرار دوغين مث ًلً- فإن نصيحته للغرب بالتســليم تنطوي على تهديد ضمني بأن أي مسعى في التصدي

Made with FlippingBook Online newsletter