العدد18

| 40

وقـد دأبـت االمرباطوريـات االسـتعمرية عـ التنافـس مـن أجـل وضع اليـد عـ هـذه الثـروات، وهـي ال تـزال يف القلـب مـن اإلسـ اتيجيات الدوليـة املتناقضـة.

كل هذه المعطيات تدل على أن اإلمكان الكامن في العالم اإلســ مي إمكان عظيم ومتعدد األوجه، لو توافرت له القيادات الحازمة ذات العزائم السياســية والحاســة اإلستراتيجية. الحازم اإلسالمي المتصدِّع رغم كل ما تحدثنا عنه من إمكان وافر في العالم اإلسالمي، فإن هذا اإلمكان مُهدَر إلى حد بعيد. ويرجع ذلك إلى أسباب تاريخية هي السر في محنة الحضارة اإلسالمية في العصور الحديثة، وخصوصًا مهدها الشرق أوسطي. كانت الدولة العثمانية، التي شاهد ابن بطوطة بذرتها األولى في األناضول خالل القرن الرابع عشر الميالدي، آخر مظلة سياسية ناظمة لجزء كبير من هذا الفضاء الحضاري اإلسالمي الواحد، خصوصًا ما دعوناه هنا العالم اإلسالمي البري. كما كانت أطول دول اإلسالم الكبرى عُمْرًا، ومــن أقدرِها على الذَّب عن حياضه قرونًا مديدة. وبســقوط الدولة العثمانية مطلع القرن العشــرين دخل العالم اإلســ مي مرحلة صعبة من شتات الكلمة في الداخل، واالنكشاف اإلستراتيجي أمام الخارج. وهكذا فقَد الجزء األكبر من العالم اإلسالمي منذ أكثر من مئة عام مركز الثِّقل الذي كان يجمع شتاته، ويركِّز قوَّته، ويوحِّد كلمته. وبســبب هذا االنقطاع التاريخي الناتج عن تمزيق الدولة العثمانية فقد المســلمون روح المبادرة والعمل المشــترك، وتقطَّعت األرحام اإلنسانية والسياسية والثقافية بين الشــعوب المســلمة، وأدبر بعضها عن بعض، بل أصبح ارتباطها الثقافي والسياسي واالقتصادي بمراكز القوى االستعمارية السابقة أقوى من ارتباط بعضها ببعض؛ وهذا خذالن لمبادئ اإلســ م التي جعلت المسلمين إخوةً، وألزمتهم بالتعاضد والتعاون والتواد والتراحم. وال يــزال العالــم اإلســ مي اليوم يعيش هذه الحالة من االســتباحة واالنكشــاف اإلستراتيجي. وقد أدرك الفيلسوف السياسي األميركي، صامويل هنتنغتون، هذا األمر، حيث الحظ هنتنغتون حالة صدام الحضارات، وشرحه بإطناب في كتابه الذائع الصيت

Made with FlippingBook Online newsletter