العدد18

| 44

منـذ قرنـن تقريبًــا فـإن بعـض أمـراض املـايض ال تـزال متحكِّمـة يف املنطقـة. ومـن غـر إصـ ح يضمـن االنتقـال مـن املـايض إىل املسـتقبل فلـن ختـرج املنطقـة مـن أزمتهـا.  أن املنطقـة مل يُتَــح ـا يف العصـور احلديثـة أن تتطـور تطـورًا طبيعيًّــا، طبقًــا لقيمهـا وثقافتهـا التارخييـة واالجتمعيـة اخلاصـة، بـل اقتحمـت عليهـا القـوى االسـتعمرية سـكينتها بعنـف، فرسـمت خرائـط املنطقـة عـ هواهـا، بـا يـؤدي إىل متزيقهـا مـن الداخـل، والتحكـم فيهـا مـن اخلـارج. وال تـزال معـامل الفسـاد واإلفسـاد الناجتـة عـن ذلـك االقتحـام الدامـي ماثلـة للعيـان.  أن شــعوب املنطقــة ورثــت عــن االســتعمر األورويب ثقافــة التميــز القومـي الـذي شـاع يف مطلـع القـرن العرشيـن، فابتعـدت عـن بعضهـا البعــض، ونســيت حضارهتــا املشــ كة، وفرَّطــت فيــا جيمــع بينهــا مـن أرحـام الديـن والثقافـة والتاريـخ واجلغرافيـا، رغـم أن الفضـاء احلضـاري اإلسـ مي أفضـل حـا ًل مـن الناحيـة ا يكليـة مـن الفضـاء الغــريب، الــذي تفصــل بــن مكوناتــه مســافات شاســعة وحميطــات واسـعة. لقد أُهْدِر هذا اإلمكان الهائل الذي يشــتمل عليه العالم اإلســ مي في أمور مدمِّرة لمستقبل شعوبه: إما في حروب عدمية بين شعوب المنطقة، تحول فيها أهلها وقودًا لصــراع القوى الدولية الطامعة، فدفعوا ثمنهــا الفادح من دمائهم وثرواتهم وإما في حماية أنظمة مســتبدة فاســدة، ال تحمل هم الشــعوب، وليس لديها همَّة الستئناف الحضارة اإلسالمية، وانتزاع مكانة ألمة اإلسالم بين األمم الصاعدة. بناء المناعة الذاتية شــروق " إن الجرد التحليلي النزياحات القوى العالمية، الذي عبَّرنا عنه هنا مجازًا بـ ، يحمل بين جنبيه داللة ال تخطئها العين، وهي أننا نعيش " الشــرق وغروب الغرب عصر الفضاءات الحضارية الكبرى التي تترجم وشــائجها الثقافية إلى قوة عســكرية وسياســية، وحضور كثيف على الســاحة العالمية. ويكفي التأمل في حالة الواليات المتحدة التي يحميها محيطان عند خاصرتيها، الشرقية والغربية، ويجاورها من الشمال

Made with FlippingBook Online newsletter