أساسًــا في أزمة شــبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما شــركات التكنولوجيا العملاقــة التي أصبحت تعمل بأجندات سياســية وأيديولوجية واضحة، وباتت مشــكلة معقدة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية واتصالية واجتماعية ونفسية، تمس المجتمعات المحلية والإنسانية بكاملها، بسبب تأثيراتها الواسعة التي تشمل دولا مختلفة في الغرب والشــرق معًا، وبسبب دورها في توجيه الرأي العام الدولي، والانعكاســات السلبية لبعض منتجاتها على الصحة العقلية والنفسية للكثير من المستخدمين. وقد كشــفت تسريبات وانتقادات مسؤولين تنفيذيين في شبكات اجتماعية، مثل مهندســة البيانات السابقة في فيسبوك، فرانسيس هوغن، بعض أبعاد هذه الأزمة تضــارب المصالح بين ما هو مفيد " وحجــم خطورتهــا المركّبة، عندما أكدت . فالشــبكة، حســب هوغن، تضع مصالحها " للجمهور وما هو مفيد لفيســبوك أوّلا، أي مراكمــة المــال دون مراعاة القواعد والضوابــط الأخلاقية في خدمة المســتخدمين وتلبيــة احتياجاتهم المعرفية والثقافيــة والترفيهية. وهذا الأمر لا يبدو طارئًا بالنســبة إلى فيســبوك ومنصات أخرى، بل إن فلسفة هذه الشبكات وسياساتها التحريرية والتقنية (الخوارزميات) تجعلها وسيطًا مُؤَدْلَجًا. انفلات المنصات الاجتماعية ، إثر محاولات الاحتلال الإســرائيلي 2021 في مايو/أيار " هبة القدس " كانــت بالقدس، " الشــيخ جراح " إجلاء المواطنين الفلســطينيين عن منازلهم في حي والســماح للجماعات اليهودية المتطرفة بتنظيم مســيرة الأعلام، واقتحام قوات الشــرطة للمســجد الأقصى.. كانت محطةً أخرى كاشــفة ولافتة في ســيرورة النشــاط الاتصالي والإعلامي للمنصات الاجتماعية، فقد أظهرت جوهرَ سياسة عمل الشبكات الاجتماعية، والأسس التي يقوم عليها نشاط شركات التكنولوجيا العملاقة لتعظيم مواردها ومكاســبها الاقتصادية والهيمنة على سوق الإعلانات العالمي. فقد أَسّسَت هذه الشركات خدماتها الاتصالية على مساعدة المستخدم على صناعة عنوان اجتماعي وســهولة النشر وتفاعلية المشاركة، وهو ما يسمح للأفراد والجماعات بامتلاك وسائل ومنصات خاصة بصرية ومسموعة ومكتوبة (الإعــ م الفــردي). لكنها في المقابل، حوّلت المســتخدمين إلى مســتهلكين
82
Made with FlippingBook Online newsletter