Together Apart-(A)

إنـه الخـوف المدمـر! فقـد تدمـرت أعصابـي بالمعنـى الحرفـي للكلمـة، فخوفـي الشـديد علـى عائلتـي، جعلنـي أصبـح عنيفًـا أكثـر معهـم للأسـف. فبـدً مـن أن أكـون أكثـر لطفًـا فــي هــذه اللحظــات العصيبــة، أصبحــت أكثــر عدوانيــة، ولا أدري مــا الســبب. بــل أعلــم السـبب. إن ـه في ـروسكورون ـا اللعي ـن، ال ـذي أصابن ـي بن ـوع مـن الهل ـع، حت ـى ظنن ـت أن حياتـي كلهـا صـارت تحـت سـطوة هـذا الكائـن اللمرئـي. لـم أكـن أتخيـل أبـدًا أن أقضـي السـاعات التـي كنـت أتمناهـا مـن قبـل، أقصـد سـاعات الإجــازة مــن العمــل، فــي هــذا الملــل الشــديد. فلقــد كرهــت المسلســات، والأفــام، وسـئمت مـن الأخب ـار المكـررة الت ـي توحـي وتشـعرني بالمـوت القري ـب. أحيان ًـا أقـول لنفسـي، أن ـا كرجـل مؤمـن بالل ـه لا ينبغـي ل ـي أن أخـاف المـوت. ولكن ـي حينمــا أفكــر فــي الالتزامــات التــي ألتــزم بهــا فــي حياتــي، والأعبــاء التــي أود أن أتخلــص منهـا، والذنـوب التـي تكبلنـي وأريـد أن أتـوب منهـا، أجـد نفسـي فـي حالـة تيـه شـديدة، حيــث أســرح بخيالــي بعيــدًا متخيــاً قصصًــا وحكايــات تمتــد جذورهــا مــن الواقــع الــذي أعيشـه، حي ـث المـوت القري ـب، ومـوت كل قري ـب! فــي الحقيقــة، أنــا لا أدري لمــاذا أكــرر كلمــة المــوت كثيــرًا حيــن التحــدث فــي هــذا السـياق، أعنـي تداعيـات فيـروسكورونـا علـى حياتـي. ربمـا لأنـه ترسـخ فـي وجدانـي، أن هـذا الفي ـروس م ـا هـو إلا نذي ـر ب ـأن المـوت قري ـب، وهـو بالفع ـل قري ـب! نعــم، تغيــر كل ســلوكي، ليــسكثيــرًا ولكنــه تغيــر. حيــث بــدأت أدعــو فــي صلواتــي أدعيـة معينـة. وظللـت أكـرر دعـاء النبـي عليـه الصـاة والسـام حينمـا دعـا ربـه: «اللهـم إن ـي أعـوذ ب ـك مـن الجن ـون والجـذام والب ـرص ومـن سـيئ الأسـقام»، ث ـم أعقـب قائ ـا: «اللهـم نجنـي وأحبتـي مـن فيـروسكورونـا ومـن كل داء». نعـم أصبحـت أذكـر فيروس كورونـا فـي دعائـي! الآن، بســبب هــذا الشــيء اللمرئــي، أصبحــت أكثــر إيمانًــا باللــه. نعــم، فهــو ســبحانه وتعالـى أيضًـا لا يمكـن لأحـد أن يـراه بعينـه المجـردة، ولكنـه سـبحانه ليـسكمثلـه شـيء وهـو السـميع البصيـر. أنـا أخـاف مـن الفيـروس اللعيـن الخفـي، وخوفـي هـذا علمنـي أن الخـوف مـن الـرب الرحيـم الـذي لا تدركـه الأبصـار أولـى. أنـا لا أريـد أن أحـول شـعوري إلـى عبـارات وعـظ دينـي، ولكـن الحقيقـة أن أفـكاري لـم تعـد مرتبـة كمـا كانـت مـن قبـل، وصـارت مشـاعري أيضًـا متقلبـة، وحالتـي المزاجيـة غيـر مسـتقرة. وأنـا بطبعـي شـخصمحـب للحيـاة، كمـا أنـي أريـد أن أعيـشمـن أجـل والـديّ،

8

Made with FlippingBook Online newsletter