Together Apart-(A)

زمن طويل يرسَن أكيم أوزَن � ب كاتبة تركية

حينمـا أعكـف علـى الكتاب ـة، أخـالُ نفسـي بيـن الحيـن والحيـن قـد قُبـض علـيّ فـي زحمـة الحيـاة اليوميـة الخانقـة بجُنحـةٍ تافهـةٍ، فحُكِـم علـيّ بعقوبـة السـجن؛ فكنـت أخـال أنّنـي زُجّ بـي فـي حجـرةٍ مُلئـت كتبًـا وقراطيـسَ. لـذا كان لتعثّـرٍ ضئيـلٍ فـي عجلـة الحيـاة أن يفاجئنـي فيضـع بيـن يـديّ مـدّةً مـن الوقـت مديـدةً لا انقطـاع فيهـا، يختارها لـي كـي أكتـب وكـي أتعـرّف إلـى روحـي اختيـارًا لا يسـعني الإقـدامُ عليـه بنفسـي. فلسـت أدري أبالغـت فـي خيالـي، أم أنّ المتحرّقيـن المتشـوّقين إلـى وقـتٍ لا ينغّصُـه انقطــاعٌ هــم خلــقٌ كثيــرو العــدد. فهــا هــو العالَــم ولــم يفلــح فــي النهــوض مــن تعثّـره، فمـرّرَ الكـرة إلينـا مـن ورائنـا لنتبعهـا آخـذًا بنـا إل ـى إقامـةٍ جبري ّـةٍ منزليّـةٍ. وأعتـرف لكـم بـأن الحبـسفـي راحـة البيـت كان غايـةً تفـوقُ كلّ أحلمـي. وككاتبـة كتـبٍ ونصـوصٍ تمثيليّـةٍ أيضًـا، كنـت سأُسـاط بـاذِع عبـارات التوبيـخ مـن المحـرّر، لـو أنّـي ابتـدأت حكايـةً خياليّـةً كهـٰـذه بالحديـث عـن حسـاء الخفّـاش. بيـد أن الحيـاة التـي لا تعبــأ بمحــرّر ولا تغتــم لســاطة لســانه أتتنــا بقصــةٍ مجنونــةٍ، بــل وجعلَــتْ أخيِلَتَنــا حقيقـةً. تهانـيّ لهـا بهـٰـذا. ولمّــا أُغلقــت المــدارس ومكاتــب الأشــغال قــال لــي بدنــي المتــورّم مــن الأســفار والتنقـل: «أخيـرًا قـد توقّفنـا». إذ سـيطر علـى جميـع البـاد علـى غِـرّةٍ جـوّ خـاص عجيـب مـن التعايـش والاستسـام لكـربٍ عظيـمٍ أيّمـا عِظـم. وسـأصدُقكمُ الحديـث أنّـي فـي اليـوم الأول كنـت مسـرورةً مـع شـيءٍ مـن الحيـرةِ خفيـفٍ؛ لأنّ النظام الـذي آل فوضَى سـرعانَ مـا توقّـف بدوسـةِ مكبـحٍ شـديدةٍ. لـ ٰـكنّ صـوت المكب ـح م ـا لب ـث بضع ـة أي ـامٍ حت ـى صـار مؤلمًـا؛ فق ـد ب ـدأت تتسـلّل إلـى أوقاتـي التـي أمضيهـا مـع زوجـي وابنـي فـي شـرب الشـاي وقـراءة الكتـب أخبـار المـرضِ السـاري فـي البـاد كالنـار فـي الهشـيم. فـإذا مـا ذُكـر المُسـلّمونَ أرواحهـم وأولـٰـئك المجبَـرون علـى الذهـاب إلـى أعمالهـم وإذا مـا نوقِشـت حـالُ العامليـن فـي

178

Made with FlippingBook Online newsletter