Together Apart-(A)

بالفعـل كانـت تتناولـه. ففـي كلّ يـومٍ بعـد الفطـور تلقـي حبّـة «أسـبِرين» في كأس شـايِها، فتحـرّكُ الـكأس تحريـكًا حتـى يتكـدّرَ صفـوُ الشـاي؛ ثـم تحتسـيه بجِـدّ وقناعـةٍ. لقــد فارقتنــا وهــي فــي عامهــا المئــة؛ ربمــا لأنهــا باســتخدامها الأســبرين لــم تفقــد لحظـةً إيمانهـا بـأن أمّهـا أرسـلته وكانـت تحميهـا بـه دومًـا. سـيمضي وب ـاء «الجُسـيم السّـمّيّ التّاجـيّ (الكورون ـا)» أيضًـا، ولـ ٰـكنّ تخمي ـن أيّ آث ـار سـيترك بعـده أمـرٌ عسـير. قـد نعيـش بيـن ملييـن مـن النـاس أصبـح غسـل أيديهـم وسواسًـا. وقـد يصيـر بيننـا أنـاسٌ يعتقـدون أن دواءً معيّنًـا ينفعهـم فيـزدادون تعلقًـا واعتمـادًا علي ـه. وقـد لا يرغـب أحـد بعـد الآن فـي أن يصافـح الآخري ـن؛ ولربّمـا إذًا حـل محــلّ المصافحــةِ أســلوبُ تحيّــةٍ آخــرُ. وقــد يقــول بعــض النــاس فــي نفســه «قــد أمـوتُ فـي أيّ لحظـةٍ، ف ْغتنِـمْ فرصتـي ولأشـبعْ مـن الحيـاة»، بينمـا قـد تجـد بعضهـم الآخ ـر يق ـول «عل ـيّ أن أتأهّـب للأيــام السـوداء القادم ـة، وألا أُب ـذّرَ مال ـي»، ولعلّــه ل ـن يشـبع مـن التجمي ـع والتكدي ـس. ولعـلّ الحالميـن بالعمـل المتخذيـن بيوتهـم مكاتـبَ لـن يرغبـوا فـي تـرك مكاتبهـم بعـد انتهـاء الحجـر الصحـيّ، لأنّ أمـور العمـل لـم تسـر كمـا ترقّبـوا. وزبـدة القـول أنّـه قـد لا يحصـل أيّ شـيء كمـا توقّعنـاه؛ ولعـلّ بعـض الأمور تكـون تمامًـا كمـا رَقِبْناها. إنّ الغمـوض مفهـومٌ صـار غريب ًـا عن ّـا من ـذ زمـنٍ طوي ـلٍ؛ وهـو سـبب الذعـر ال ـذي نحـن فيـه الآن. ولا بـدّ أن هـٰـذا الذعـرَ كانـت تعيشـه بعـضشـعوب العصور الوسـطى. ومـعَ أن القـدرة عل ـى التنب ّـؤ ب ـكل شـيء اسـتنادًا إل ـى العل ـم أمـرٌ يري ـح النفـس راحـة سـابغةً، إَ أنهـا فـي بعـض الحـالات تعجَـزُ عـن كبـح جمـاحِ الذعـرِ. أيّـا كانَ مـا سـيكون، فإنّـه فـي أيـامٍ كهـٰـذه سـيُقوّي فينـا إيمانَنـا بالإنسـانية التـي يمارســها الآخــرون أو ســيمحقه. ومعرفــةُ هـٰــذا ليســت معلومــةً يسَــعُنا بلوغهــا بضغــط زرّيــن فــي الشــبكة العنكبوتيــة؛ وإنمــا الزّمــان كفيــلٌ بإظهارهــا لنــا.

181

Made with FlippingBook Online newsletter