Together Apart-(A)

أن قـد رأت أخاهـا محمـدًا. فعل ـى صعي ـد آخ ـر يسـكن محمـد أخ ـو مهـا فـي أمري ـكا حيــث يكمــل دراســته الجامعيــة لينــال لقبًــا فخريّــا كونــه طبيبًــا، فقــد غــادر مدينــة الدوحــة بعــد ســنوات طــوال ع ـاش فيهـا ونهــل مــن علــم أسـاتذتها وم ـن خيرهـا الوافـي الـذي لا يختلـف عليـه أحـد. هرعـت مهـا لتـدون مـا أملتـه عليهـا سـارة وبـادرت لتقـرأ مـا تبقـى مـن سـطور الرسـالة «لا أعلـم مـا سـتفعله والدتـك فحتــمًا سـترقص فـي ليلـة عرسـك عكـس عادتهـا، لا تسـيئي فهمـي فقـد تخيلـت والدتـك أمامـي الآن. لا تنسـي إحضـار الحن ـة معـك!!!» ع ـادت مهـا لتكت ـب م ـن جدي ـد وهـي تهمهـم أم ـا يمكنـك أن تدونـي ذلـك يـا سـارة، تحبيـن إتعابـي ولكنـك جوهـرة قلبـي. سـمعت مهـا صـوتضجيـج بالخـارج وأصـوات همهمـة وكأن حديثًـا سـريّا يـدور بالخـارج بيـن والدتهـا وأحــد مــا. «قــد يكــون محمــد كالعــادة فــا تبــرح أمــي الحديــث معــه». أم محمــد، هــي امــرأة أربعينيــة، كرســت حياتهــا لأولادهــا ومســتقبلهم وتدعــو اللهكل ليلــة أن يجمعهـا الله ب ـكل أولادهـا تح ـت سـقف واحـد، ب ـل وت ـردد كل عي ـد مي ـاد أمني ـة واحـدة أن يمـنالله عليهـا ببي ـت كبي ـر لتجمـع كل أولادهـا في ـه. «أمـي هـل ل ـك أن تخفضـي الصـوت قلي ـاً إذا سـمحت فإن ـي أحـاول التركي ـز» صرخـت مهـا بصـوت عـال لتسـمعها والدتهـا، وعلـى إثـره انخفـضالصـوت. تذكـرت مهـا أن أمهـا ترقـد كل ليلـة مترقبـة عـودة ابنهـا محمـد وتحتضـن صورتـه كأنهـا لـن تـراه مجـددًا، وعندمـا يسـألها أحـد تنهمـر العيـون باكيـة علـى أمـل اللقـاء يومًـا مـا، فدعـت لأمهـا بالعمـر المديـد والصحــة الوفيــرة. نســيت مهــا أيــن توقفــت فــي الرســالة فعــادت لتبحــث عــن آخــر الكلمـات علهـا تجـد ضالتهـا. واصلـت مهـا «أريـد أن أخبـرك سـرّا. إننـي فخـورة بأختـك جـدّا وأدعـو لهـا كل ليلـة فقـد خلصتنـي مـن ألـم أسـناني المبـرح الـذي بـات لا ينفـك عنـي. أسـتطيع أن آكل الشـوكولاتة والحلـوى المفضلـة لـدي أخيـرًا» ردت مهـا كأنهـا تحـادث سـارة: لا تكثـري منهـا، أعلـم حبـك لهـا الـذي سـيقتلك. نهـى، أخـت مهـا هـي طبيب ـة أسـنان تهـوى عملهـا، تركـت بي ـت العائل ـة من ـذ أن تزوجـت وغـادرت الدوحـة وقـد كان مـن المفتـرض أن تعـود لزيارتهـم هـذا الصيـف لمـدة أسـبوع مـع زوجهـا، لكـن حـدث مـا لـم يكـن بالحسـبان، فقـد اجتـاح فايـروسكورونـا دول العالـم وبـات يهـدد الجميـع وللحـد منـه تـم اتخـاذ إجـراءات احترازيـة كان منهـا تعطيـل السـفر مـن وإلــى الــدول المجــاورة. أرادت مهــا نســيان كل الأحــداث المرتبطــة بذلــك الفايــروس فقــد لجــأت لغرفتهــا بحثًــا عــن الراحــة والســعادة ولتقطــع ذلــك التفكيــر، أمســكت بالرسـالة مج ـددًا لتلمـح شـيئًا ل ـم ت ـره مـن قب ـل. كان ـت هن ـاك قل ـوب حمـراء تظهـر بتسـليط الضـوء عليهـا ممـا أعـاد للرسـالة رونقهـا حت ـى بعـد أن تركـت تحـت السـرير

24

Made with FlippingBook Online newsletter