دقيقـة، زمـن الرحلـة مـن مطـار هيثـرو إلـى مطـار حمـد الدولـي كانت 35 سـاعات و 7 كفيلـة بإصابتهـا بصـداع قاتـل، وإرهـاق خشـيت معهمـا أن تبـدو مقدمـات لإصابتهـا بالوبــاء العيــن، فجاهــدت لاســتعادة هدوئهــا علــى الأقــل حتــى لا ترصدهــا كاميــرات المطـار الحراريـة، لتجـد نفسـها فـي الحجـر الصحـي. لـم تمـض دقائـق حتـى صدمهـا صـوت قـادم مـن كابينـة قيـادة الطارئـة: «تنبيـه هـام... تنفيـذًا لقـرار الجهـات المختصـة فـي قطـر، فقـد تقـرر خضـوع كافـة القادميـن 14 علـى الرحـات القادمـة مـن عـدة دول أوربيـة ومنهـا لنـدن للحجـر الصحـي لمـدة ...»19 يومًـا كإجـراء احتـرازي للوقايـة مـن انتشـار فيـروسكورونـا المسـتجد «كوفيـد علـى جميـع الـركاب التـزام الهـدوء واتبـاع التعليمـات!» يوم الأول � ال المشتبه في إصابته بريء حتى تثبت سلامته يومًـا بعـد غيـاب شـهور طويلـة عـن الوطـن فـي الحجر 14 لـم يحزننـي أن أقضـي أول الصحـي، معزولـة عـن كل مـن أعرفهـم مـن بنـي البشـر، بقـدر مـا أحزننـي عـدم رؤيـة جدتـي فـي صالـة الوصـول... فقـد كانـت دومًـا أول وجـه أراه بعـد شـهور الغربـة. فـي المطـار وجدنـا فريـق الطـوارئ بقفـازات وكمامـات حجبـت ابتسـامات طمأنينـة جاهـد أصحابهـا لإيصالهـا للقادميـن مـن عالـم يمـوج بالرعـب والمخـاوف، قبـل إنهـاء إجـراءات الوصـول وتقسـيم القادميـن علـى سـيارات إسـعاف معقمـة لاصطحابنـا إلـى العـزل الطبـي. شـعرت بالطمأنينـة بتلـك الإجـراءات الصارمـة... فيمـا شـعر آخـرون بالخـوف والصدمة أن يعامل ـك الآخري ـن كمشـتبه ف ـي إصابت ـه... هـذه قواني ـن الأوبئــة... المشـتبه ف ـي إصابتـه يعـد مريضًـا حتـى يثبـت خلـوه مـن المـرض. هـذا أول يـوم لـي فـي الحجـر الصحـي، والـذي لم أتخيـل أن يكـون فندقًا كبيـرًا متعدد الطوابـق، يضـم مئـات الغـرف... كان فـي اسـتقبالنا الدكتـور عبـد العزيـز السـالم... أخيرًا هديـة تنتظرنـي فـي الدوحـة... حتـى لـو أخفـى نصـف وجهـه بكمامـة وضـع فوقهـا واقيًـا زجاجيّـا، وب ـدا كرائ ـد فضـاء بال ـرداء السـماوي المنفـوخ وهـو يرحـب بالقادميـن الجـدد ويعرفهـم بتعليمـات الإقامـة المؤقتـة وهـو يتحـدث بلغـة هادئـة لا تخلـو مـن حسم :
50
Made with FlippingBook Online newsletter