نكبة الوباء عهود ياسرشختور كاتبة وأديبة
لـم أجـد شـيئا أجمـل مـن كلمالله تعالـى لأبـدأ بـه قصتـي، يقـول المولى-عـز وجـل- فـي محكـم كتابـه: «إنالله يحـب التوابيـن ويحـب المتطهريـن» فهـذه الآيـة الكريمـة جمعـت بيـن طهـارة القل ـب مـن الذن ـوب والمعاصـي وطهـارة البـدن مـن الأنجـاس، فكـي نكـون جديريـن بمحبتـه تعالـى علينـا أن نجمـع بيـن الطهارتيـن، فمـا أصابنـا مـن مصائ ـب وكـوارث ونكب ـات فـي هـذا العصـر فبمـا كسـبت أيدين ـا ويعفـو عـن كثي ـر، ل ـو آخذن ـا بجميـع ذنوبنـا وخطايان ـا لهلكنـا ومـا نجون ـا، فبعـض البشـر اهتـم بتجميـل مظهـره عل ـى حسـاب مخب ـره ال ـذي هـو مح ـط نظـر ال ـرب، حت ـى بات ـت قلوبن ـا مرتعًـا خصبًـا لكثيـر مـن الأوبئـة الفتاكـة والأمـراض المزمنـة مـا بيـن فيـروس الريـاء والكـذب والكبــر والغطرســة والحســد والحقــد والكراهيــة والتســخط والعنصريــة والســخرية والتعالــي علــى الآخريــن مــع دخــول حــس المراقبــة الذاتيــة للــه فــي ســبات عميــق لا ن ـدري مت ـى نسـتيقظ من ـه، وقسـوة القل ـب وعـدم تأث ـره ب ـكلمالله، وعـدم الرضـا بقضــاء الله عــز وجــل، حتــى انعكــسســواد القلــوب علــى الأعمــال فلوثتهــا، فمــن عقــوق للوالديــن وقطيعــة للرحــم، واعتــداء علــى حقــوق الضعفــاء، ومنــع الــزكاة وعـدم إعطائهـا لمسـتحقيها، وتبخـر الحيـاء والتباهـي بالأجسـاد العاريـة، وغيرهـا الكثير مـن الفيروسـات القلبيـة والبدنيـة التـي تفشـت فـي مجتمعاتنـا، والتـي مـن شـأنها أن تنخـر فـي عضـد المجتمـع وتضعـه علـى شـفا جـرف هـار. فأيـن العـاج يـا تـرى؟ العـاج بأيدينــا وهــو أقــرب إلينــا مــن حبــل الوريــد، العــاج أن نرتــدي لباسًــا يحصننــا مــن تلــك الفيروسـات، ألا وهـو رداء الاسـتغفار، وهـو متصـل اتصـاً مباشـرًا بالقلـب، فـإذا اعتـرف القل ـب بذنب ـه وأن ـاب إل ـى رب ـه صل ـح الجسـد كل ـه وترجـم ذل ـك إل ـى أفعـال ت ـدل عل ـى صدقـه، والقصـة التـي نحـن بصددهـا خيـر دليـل علـى ذلـك. ففــي يــوم مظلــم مكفهــر لــم ينبثــق فيــه نــور الفجــر عــن تلــك الحيــاة الآمنــة المطمئنـة التـي أَلِفَتْهـا مدينـة الأحـرف السـعيدة والتـي لـم تعـد تحمـل من اسـمها إلا رسـمها، تلـك المدينـة التـي كان يأتيهـا رزقهـا طيبًـا رغـدًا مـن كل مـكان، تلـك المدينـة
64
Made with FlippingBook Online newsletter