Together Apart-(A)

فـي رؤوس الحاضريـن إلا أنهـا لـم تتعـد كونهـا حالـة اختنـاق ناجمـة عـن تسـرب أنبوبـة غـاز غيـر محكمـة الإغـاق، ولكـن سـرعان مـا انقشـعت غمامـة الغمـوض عـن هـذا الح ـادث حي ـن تناقل ـت وسـائل الإع ـام تفاصيــل الخب ـر، وكان ـت الطامــة الكب ـرى حي ـن أعلنــت وزارة الصحــة أن هــذا المســؤول وعائلتــه مصابــون بفيــروس غامــضمعــد يصيـب الجهـاز التنفسـي وينتشـر بشـكل أساسـي مـن خـال الاتصـال المباشـر بشـخص مصـاب مـن خـال الـرذاذ المتطايـر الصـادر عنـه عندمـا يقـوم بالسـعال والعطـس، أو مـن خـال الـرذاذ الصـادر عـن اللعـاب أو إفـرازات الأنـف، وقـد أهابـت بجميـع المواطنيـن التوجـه فـورًا لأقـرب مركـز صحـي عنـد ظهـور أي مـن الأعـراض المتمثلـة فـي الحمـى والسـعال وضيـق أو صعوبـة التنفـس بضـرورة الاتصـال بالرقـم السـاخن الظاهـر علـى الشاشــة. ومــع انتهــاء النشــرة صمــت الجميــع وكأن علــى رؤوســهم الطيــر، ولــو رأيتهـم لخلتهـم فـي لحظـة حـداد... ينظـر بعضهـم إلـى بعـض تـدور أعينهـم كالـذي يغشـى عليـه مـن المـوت، ومـا هـي إلا أيـام معـدودات حتـى تحققـت المخـاوف التـي تسـللت إلـى القلـوب وزعزعـت أمنهـا واسـتقرارها مـع ظهـور الأعـراض المشـار إليهـا علـى كثيـر مـن المخالطيـن لذلـك المسـؤول وعائلتـه، والـذي كان يقـول فـي سـاعات احتضـاره الأخيـرة: لـم يكـن يخطـر ببالـي ولـو مجـرد خاطـرة أن تكـون نهايتـي علـى يـد أصغـر المخلوقـات والـذي لا يـرى بالعيـن المجـردة، كنـت أظـن أنـه لا توجـد قـوة علـى ســطح هــذا الكوكــب تعــادل قوتــي ولا نفــوذًا يعــادل نفــوذي. ولــم يتوقــف الأمــر عنـد المخالطيـن فقـط بـل تعـداه إلـى الأشـخاص الذيـن تجمهـروا لرؤيـة الحـادث فـي الهشـيم، وهاهـم رمـوز هـذه المدينـة وفلـذات أكبادهـا يتسـاقطون واحـدًا تلـو الآخر علـى مـرأى منهـا وهـي عاجـزة بـكل إمكاناتهـا الصحيـة وطواقمهـا الطبيـة وقوتهـا الاقتصاديـة عـن انتشـال قـرة أعينهـا مـن المـوت المحقـق ودفـع هـذا الوبـاء عنهـم أو إيجــاد لقــاح لهــذا الفيــروس الفتــاك. وهــا هــو (ط) أحــد رمــوز الفــن المعمــاري والموضـة والجمـال يصـارع هـو الآخـر المـوت ويقـول: «عشـت طـوال عمـري أنتقـل بيــن التصميمــات بأصنافهــا، وأنغــام الموســيقى بأنواعهــا، ودور الأزيــاء بأنماطهــا، وجربــت كل أنــواع اللهــو والتــرف ولــم أكــن أتوقــع أن تكــون نهايتــي ملقــى علــى سـرير وحـدي يخشـى الاقتـراب منـي أقـرب المقربيـن إلـيّ بعـد أن كان يتهافـت العـوام والأرسـتقراطيون عل ـى التق ـاط الصـور الفوتوغرافي ـة معـي، كن ـت أظـن ب ـأن لحظـة موتـي سـتخلد ذكـراي خلـود موسـيقى فيـردي وبوتشـيني وخلـود لوحـات دافينشـي، غيـر أن الجميـع تنكـر لموت ـي علـى الرغـم مـن أننـي صاحـب الفضـل عليهـم فـي كل مـا لـه صلـة بمجـال الفـن والموضـة والتصاميـم، وهـا أنـا ذا أدفـع الثمـن ثمـن لعبـي

66

Made with FlippingBook Online newsletter