Together Apart-(A)

تتوقـف الرحـات الجوي ـة... تقفـل المطـارات... تقفـل المحـات... تمن ـع التجمعـات... تتعطـل كل الدوائـر وتمنـع إقامـة الحفـات والمناسـبات وحتـى الجنـازة... يـا للمصيبة! بـل تمنـع الصلـوات فـي المسـاجد فتقفـل... فيـروس لا يـرى بالعيـن المجـردة يصيـب الكـون بشـلل يمنعـه عـن الحركـة، كانـت تلـك هـي الفاجعـة الكبـرى، إذ كان ضحيـة هـذه الإجـراءات أسـرتا خالـد والعنـود ممـا خلـق صراعًـا شـديدًا بينهمـا مـن أجـل إصـرار عائلـة العـروسعلـى تأجيـل حفـل الزفـاف، لكـن أهـل خالـد يصـرون علـى أن يأخـذ خالـد عروسـه دون حفلـة مقتصـرًا علـى الأهـل فقـط. بعــد ســماع ذلــك الخبــر أمضــى خالــد ليلتــه كشــاعر تســكن روحــه الوحشــة أرقًــا، ورغـم أنهـا ليسـت مـن عادتـه إلا أنـه تعاطـى لفائـف التبـغ واحتسـى القهـوة بكثـرة فلـم يسـتطع النـوم، وظـل يفكـر ويفكـر مليّـا حتـى الهجيـع الأخيـر مـن الليـل، دارت فـي ذهن ـه أفـكار كلهـا تزي ـده أرقًـا. كان الأمــر يزيــده انقباضًــا فيرفــض العــودة والتأجيــل، وفــي لحظــة إشــراق تذكــر جـده وهـو صغيـر يلعـب معـه، وكان ـت أوقات ًـا عصيبـة تلـك التـي قـال جـده لوال ـده فيهـا عندمـا حدقـت بهـم مصائ ـب كثي ـرة، قـال ل ـه بحكمـة عـراف: «الإنسـان يفكـر والقــدر يضحــك... دعهــا ســماوية يــا ولــدي دعهــا ســماوية». بعــد أن تذكــر ذلــك، شــعر خالــد بشــيء مــن الطمأنينــة تســري فــي جســده وخلــد إلــى نــوم عميــق. كان أهــل خالــد يصــرون علــى أن يأخــذ خالــد عروســه دون حفلــة، اللهــم إلا الأهــل فقــط، ولكــن هــذا الأمــر كانــت لــه حساســية بالغــة خصوصًــا والمقــام والبهــرج الاجتماعــي لأســرة العنــود لا يمكــن أن تقبــل ذلــك بســهولة... وازدادت وتيـرة الصـراع علـى هـذا الأمـر حـدة، فوالـدة خالـد تقتـرح أن يبحثـوا عـن زوجـة أخـرى لولدهـا أو أن يتأجـل الزفـاف، وخال ـد يرفـض الأمـر البت ـة فقـد مـر أسـبوع من ـذ تلـك المواجهـة مـع العنـود لـم يـرد علـى اتصالاتهـا الكثيـرة ولا علـى رسـائلها الهاتفية. ظـل يفكـر بينـه وبيـن ذاتـه متخوفًـا مـن ردة فعـل والدتـه. أمــا والــده فــكان حكيمًــا إلــى حــد يجعلــه يتفهــم وضــع صالــح وأســرته، فاقتــرح أن يقــوم خالــد بتوعيــة عمــه وابتــكار رســالة يرســلها لــه للرتقــاء بوعيــه بخصــوص مـا يحـدق بالعال ـم، فب ـادر خال ـد بالفعـل ثقـة فـي حكمـة وال ـده ووعي ًـا عميقًـا بمـا يحـدث وبعـث لعمـه رسـالة قـال لـه فيهـا «ضـع نفسـك مكانـه يـا عـم... لأن الحيـاة معـارك، ربمـا يتوجـب عل ـى الإنسـان فـي هـذا العال ـم، فـي معركت ـه مـع كورون ـا، أن يتخي ـل أن ـه محـارب، وأثن ـاء المعركـة يقـع فـي ورطـة عظيمـة، فيجـد نفسـه وحي ـدًا

76

Made with FlippingBook Online newsletter