انتهـت إجازت ـي القصي ـرة أساسًـا وح ـان موع ـد الع ـودة. ف ـي طريق ـي إل ـى دمشـق مـن جديـد أفكّـر فـي كلّ التفاصيـلِ التـي تركتهـا ورائـي وأتسـاءل هـل ستتسـنى لـي العـودة ثانيـة؟! مـن يـدري؟ فمنـذ الصبـاح يراودنـي إحسـاس غريـب بـأنّ الخبـر السـيئ علــى وشــك أن يعلــن وكلّ شــيء علــى مــا يبــدو ســيهوي قريبًــا... قطــع تفكيــري نقـاش رجليـن يجلسـان خلفـي: هـي حـرب دول كبـرى، فقاعـة إعلميـة لا أكثـر، سـمعت أن ّـه انطل ـق م ـن مخابرهـم، وسـيعلنون ال ـدواء حي ـن يري ـدون نح ـن غي ـر مرئيي ـن ف ـي ألعـاب العمالقـة فـا تخـف. يـا إلهـي أيّ عمالقـة؟! وأيّـة فقاعـة؟! كورونـا تحـول إلـى جائحـة ونحـن لا ن ـزال فـي نفـس الدائ ـرة. وصلــتُ إلــى المشــفى لأرى الجميــع يرتــدون الكمامــات، هنــاك خطــبٌ حــدث، كل الوجــوه توحــي بذلــك لكننــي لســت فــي قســم الداخليــة، وأعــرف أننــي لــن أحصــل علـى أيّ معلومـةٍ مـن هنـاك، يوجـد أحاديـث تتناقـل بيـن الأطبـاء بـأنّ مريضًـا قادمًـا مـن الصي ـن يعان ـي حـرارةً وسـعاً جـاء قسـم الإسـعاف لي ـاً وهـو الآن فـي الشـعبة الصدريــة، لــم يكــن الطيــران توقــف بعــد والحــدود كانــت شــبه مفتوحــة. هــل أصبــح المريــض رقــم واحــد بيننــا الآن؟ يبــدو أن الحقيقــة التــي حاولنــا الهــرب منهـا بات ـت قريب ـة جـدّا. أخبرتنـي صديقتـي مـن الداخـل أن الخبـر صحيـح لكـن لا داعـي للقلـق، فقـد كان شـكّا فـي كورونـا لكـن تبيـن أنّهـا ذات رئـة جرثوميـة ولا نـزال ننتظـر نتائـج التحاليـل. المرعـب بالفكـرة ليـسصحتهـا مـن عدمهـا بـل إنّـه بشـكلٍ أو بآخـر كورونـا بـدأ يدخـل حـدود هوائنـا. لقـد كان حدسـي منـذ الصبـاح سـيئًا تجـاه اليـوم، ولأول مـرة أتمنـى لـو أننـي أخطـأت ففـي تمـام السـاعة التاسـعة مسـاءً وبعـد أسـبوع واحـد مـن بداي ـة تأهبنـا أُعلـنَ عـن أول حالـة... كان وقـع الخبـر صادمًـا للكثيـر لكـن ليـس أنـا، مـا صدمنـي فعـاً أن المريـض رقـم واحـد هـو ليـس نفسـه المسـافر الـذي تحدثـوا عنـه فـي المشـفى. كـم أنـا خائفـة أن يكـون هـذا هـو حجـر الدومينـو الـذي سـيدفع مـا وراءه للسـقوط... مــن هــو؟ فــي أي مشــفى؟ أيــن يســكن؟ الكثيــر مــن الأســئلة التــي بــدأت تشــغل النـاسومـا ظننـاه وهمًـا بـات حقيقـة. مـن اليـوم لـن يكـون أي شـيء كمـا سـبق أو هكـذا كنـت أظـن، ففـي أول يـومٍ بعـد كورونـا لا يـزال الحديـث نفسـه النـاس تفكـر فــي المواصــات، الطعــام، العمــل، وفــي آخــر القائمــة الطويلــة جــدّا يأتــي النقــاش
80
Made with FlippingBook Online newsletter