العدد الرابع من مجلة لباب

261 |

قراءة في كتاب - حرب الحضارات لن تقع

بالمقابـل، بمعاداتـه للكونيـة وبالنظـر إلـى الحداثـة كمنتـج غربـي الهويـة، يشـجع النزعـة القومي ـة المتشـددة الت ـي قـد تنحـدر إل ـى موقـف عنصـري إقصائ ـي للخـر. وبالفعـل، فق ـد تطـورت النظري ـة ل ـدى رواد الجيوبوليتي ـك الألم ـان الذي ـن طـوروا فكـرة “المجـال الحي ـوي” العزي ـزة عل ـى قـادة الراي ـخ الثال ـث. ـن الكاتـب فكـرة النسـبية الثقافيـة التـي تطفـو مـن ظاهـر هـذا التيـار الـذي ينفـي ِّ يثم ـه إل ـى الوج ـه الخف ـي والش ـر الكام ـن ل ـدى دع ـاة “النس ـبية ِّ كوني ـة الحداث ـة، لكن ـه ينب الثقافيـة المتطرفـة”. بالنسـبة لـه، لا يمكـن الاعتـراف وتثمـن الخصوصيـات إلا فـي إطـار قاعـدة إنسـانية كونيـة توطـد التعايـش بـن عناصرهـا المتعـددة. ذلـك أنـه باسـم هـذه النسـبية المتطرفـة يتـم فتـح البـاب أمـام التسـامح مـع ممارسـات منافيـة للقيـم المشـتركة، ـا يت ـم تبري ـر تلكـؤ الغـرب عـن دعـم انبث ـاق الديمقراطي ـة الحقيقي ـة إلا إذا ً وباسمهـا أيض تطابـق ذلـك مـع مصالحـه. وباسمهـا، يتـم فـي النهايـة ترويـج فكـرة فـض العلاقـة مـع الحضـارات الخارجـة عـن الفلـك الغربـي بحجـة أن لهـا ثقافتهـا ورؤيتهـا للعالـم وينبغـي حصرهـا فـي مجالهـا حتـى لا يتـم تشـويه وإفسـاد منظومـة القيـم الغربيـة بتلاقـح غيـر محمـود. فـي توضيـح الفـرق بـن فضيلـة النسـبية الثقافيـة وعواقـب تطرفهـا، يسـتحضر الكاتـب هنـا تجربتـه الشـخصية مـع مخالفيـه فـي موقـف الدفـاع عـن التسـامح وتفهـم : “كــم مــرة قيــل لــي: بمــا أنــك تناهــض القانــون الــذي يمنــع ً باقــي الثقافــات قائــ الحجــاب الإســ مي بالمــدارس، يفتــرض أن تكــون مــع ختــان الفتيــات لــدى بعــض .)4(” الثقافـات، باسـم نسـبيتك الثقافي ـة إن التطـرف فـي النسـبية يضـع صاحب ـه فـي نفـس موقـع العنصـري الإقصائـي لداعي ـة التف ـوق الحضـاري. باسـم النسـبية المتطرف ـة تعل ـو الدعـوة إل ـى الانكف ـاء عل ـى ال ـذات وتــرك الجماعــات ذات الثقافــات المختلفــة تطــور تجربتهــا الحضاريــة فــي جغرافيتهــا

Made with FlippingBook Online newsletter