العدد الرابع من مجلة لباب

293 |

سؤال الديمقراطية - فحص العلاقات المدنية-العسكرية في المجتمعات الإسلامية

الاسـتقلالية عـن رقابـة المؤسسـات السياسـية. لكـن هـذا النشـاط الاقتصـادي لـم يمنـع القـوى المدنيـة السياسـية فـي تركيـا مـن بسـط سـيطرتها علـى الجيـش، وإخضاعـه لرقابـة المؤسسـات السياسـية المدني ـة. عرف ـت مصـر التجربت ـن، تجرب ـة اسـتعمال النش ـاط الاقتصـادي لصـرف الجي ـش ع ـن الشــؤون السياســية لكــن دون إقامــة نظــام ديمقراطــي، وتجربــة اســتعمال النشــاط الاقتصــادي لتمكــن الجيــش مــن الســيطرة علــى الحيــاة السياســية. التجربـة الأولـى حدثـت فـي عهـد الرئيسـن السـابقي، أنـور السـادات وحسـني مبارك. عق ـد السـادات اتفاقي ـة سـ م م ـع إسـرائيل، كان م ـن آثارهـا المباشـرة امت ـ ك مصـر قـوات مسـلحة كبيـرة لـم تعـد مشـغولة بالحـرب مـع إسـرائيل، وقـد تسـتعمل قدراتهـا فــي الشــؤون الداخليــة للبلــد. وقــد اهتــدى الســادات إلــى فكــرة توســيع النشــاط ـا ً لأعـداده الكبي ـرة مـن القـوات المسـلحة، ومغري ً ِّ الاقتصـادي للجي ـش ليكـون مشـغ لقيادتـه بالمكاسـب الماديـة التـي يحصلـون عليهـا، مقابـل تخليهـم عـن أيـة طموحـات سياســية. وقــد نجــح الســادات بذلــك فــي تأمــن حكمــه مــن مخاطــر الانقلابــات العســكرية. سـار مبـارك فـي بدايـة حكمـه علـى خطـى السـادات، لكـن فـي سـنواته الأخيـرة شـرع ي حظـوظ ابنـه فـي تولـي حكـم البـ د بعـده، فأفسـح لـه المجـال ِّ فـي اتخـاذ تدابيـر تقـو ا لمصالحهـا ً فـي تكويـن قطـاع اقتصـادي خـاص تابـع لـه، اعتبرتـه قيـادة الجيـش تهديـد للحصـول علـى شـرعية 2011 يناير/كانـون الثانـي 25 الاقتصاديـة، وانتهـزت فرصـة ثـورة ـا إسـقاطها لحكـم مبـارك وإمبراطوريـة ابنـه الاقتصاديـة. ّ ً ـا وخارجي ّ ً شـعبية تبـرر داخلي يخـوض الرئيـس المصـري، عبـد الفتـاح السيسـي، تجربـة جديـدة فـي اسـتعمال النشـاط الاقتصـادي ليـس لإبعـاد الجيـش عـن النشـاط السياسـي بـل لكسـب ولائـه واسـتعماله

Made with FlippingBook Online newsletter