التهديدات الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي

من خلال ما تقدم، نلاحظ أن الأمن مفهوم غامض وجدلي، وهو مُعرض لتجدید مفاهیمي مســتمر یصاحبه تساؤل أوسع حول المعاییر التي تضبط النظام الدولي. وأن تنافس المدارس الفكریة حول فهم الظاهرة الأمنیة أدى إلى تطوير المفهوم من الأمن الوطني إلى الأمن الإنســاني. وتعتبر مدرســة كوبنهاجن من أهــم المدارس الفكرية Barry Buzan إســهامًا في هذا المجال حیث ســعى كُتّابها وعلى رأسهم باري بوزان إلى اســتخدام مفهوم موســع للأمن، والذي أســهم به في إعطاء صورة إیجابیة لهذا الأخیر دون أن تتسم بالمثالیة. ثانيًا: المقاربة الأمنية بالقطاعات مثّلــت نهایة الحرب الباردة نقطة تحول فارقة في عملیة التنظیر في الدراســات الأمنیة، على اعتبار أن المقاربات النظریة المفسّرة للأمن في فترة الحرب الباردة وما قبلها مختلفة من نواح مهمة عن المقاربات والنسخ النظریة الساعیة لبناء تصور جدید للأمن في عالم ما بعد الحرب الباردة. وعلیه، فقد شهدت البیئة الأمنیة في هذه الفترة بروز منظومة مفاهیمیة مغایرة للتي كانت سائدة من قبل، وهو ما جاء انعكاسًا لتنامي . ((( نزعة ما بعد الوضعیة في نظریة العلاقات الدولیة، وفي العلوم الجتماعیة بشكل عام وعلى عكس الدراســات الستراتیجیة التي حصرت مفهوم الأمن ضمن المجال العسكري البحت، تطورت الدراسات الأمنیة على قاعدة التساؤل حول إمكانیة توسیع وتعمیق هذا المفهوم؛ توسیعه لیضم تهدیدات عدا التهدید العسكري/الدوْلَتي، وتعمیق مرجعیته إلى وحدات أخرى غیر الدولة. - مدرسة كوبنهاغن 1 لقــد قام كتّاب مدرســة كوبنهاغــن في المرحلة الأولى بطرح التســاؤل التالي: وفي رأیهم، فإن للأمن جذورًا عمیقة في التقالید السیاسیة ما الذي یعنيه مفهوم الأمن؟ للقوة؛ فهو أولً وقبل كل شيء قضیة استمرار. واعتبروا أن الأمن لیس موضوعیّا ولكنه ذاتــي لأنــه محدد من قبل فواعل، كمــا أن الأمن یخضع إلى تداخلات، أي إنه لكي أن یتم التفاق على أن الشــيء المهدد یجب " یصبــح موضــوع ما مهمّا للأمن یجب (1) Keith KRAUSE, “ Approche critique et constructiviste des etudes de sécurité ”, AFRI, Volume IV, (2003), https://bit.ly/2VqVfCn

16

Made with FlippingBook Online newsletter